للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هذا البون الشاسع بين تلك القمة وبين هذا الغثاء الذي يعيش اليوم على الأرض متميعاً متسكعاً وراء الكفار والملاحدة. ويحسب نفسه مسلماً؟

أين تلك العزة والقوة والسلطان الرباني الذي أخذ به ذلك الجيل، وأين الضعف والاستخذاء والتبعية العمياء التي يعيشها (المسلمون) اليوم؟

ترى: هل المنتسبون اليوم للإسلام في درجة الذميين الذين طبقت عليهم هذه الشروط؟

هل "المسلمون" اليوم ذميون للكفار؟

إن الذي يظهر لي أنه حتى على هذا الافتراض الأخير فإن المسلمين اليوم أقل قدراً من ذميي الأمس. ذميو الأمس: في صغار وفى ذلة وفي زي معين ومكان معين. نعم.

أما مسلمو اليوم ففي صغار وذلة واستكانة عن إسلامهم وتبعية للشرق الملحد والغرب الكافر، وإعجاب وانبهار بما عليه أعداء الإسلام، وسخرية واستهزاء بما كان عليه سلف هذه الأمة!

من هنا فهم أحط قدراً عند الله – ما داموا بهذه الصفات – وأحقر من أن يهابوا وأصغر من أن يسمع لهم كلمة في المجتمع الدولي المعاصر.

فعلى المسلم الصادق. المسلم الواعي. المسلم المدرك لحقيقة إسلامه أن يعرف أين يضع قدمه ولمن يهب حبه وولاءه، وأن يعلم أن حب أعداء الله وموالاتهم والتشبه بهم لا تلتقي مع صدق إيمانه وإنما يفعل ذلك من يزعم الإسلام زعماً وبئس ذلك الزعم الكاذب.

وقد ذكر علماء الإسلام ما ينتقض به عهد الذمي حرصاً على حماية المسلمين من أي دخيل يستغل سماحة الإسلام فيغدر بالمسلمين. وهذه النواقض هي:-

(١) الإعانة على قتال المسلمين، وقتل المسلم أو المسلمة.

(٢) قطع الطريق عليهم.

(٣) إيواء جواسيس المشركين أو التجسس للمشركين بأن يكتب لهم أسرار المسلمين.

(٤) الزنا بالمسلمة أو إصابتها باسم النكاح.

(٥) افتتان المسلم عن دينه.

(٦) سب الله أو النبي صلى الله عليه وسلم (١).

والأدلة على انتقاض عهد الذمي بسب الله أو كتابه أو دينه أو رسوله ووجوب قتله، وقتل المسلم إذا فعل ذلك كثيرة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين والاعتبار (٢).

أما الكتاب: فقوله تعالى: وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ [التوبة: ١٢].

وقوله تعالى: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة: ٢٩].

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب: ٥٧ – ٥٨].


(١) [١٠٩٨])) انظر: ((الصارم المسلول على شاتم الرسول)) لابن تيمية (٥ - ٢٦).
(٢) [١٠٩٩])) ((الصارم المسلول على شاتم الرسول)): والمراد بالاعتبار: القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>