للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن السنة: ما رواه الشعبي عن علي رضي الله عنه ((أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها)) (١) رواه أبو داود وابن بطة في (سننه)، والحديث متصل لأن الشعبي رأى علياً وكان على عهد علي قد ناهز العشرين سنة. ثم إن كان فيه إرسال – لأن الشعبي يبعد سماعه من علي – فهو حجة وفاقاً، لأن الشعبي عندهم صحيح المراسيل لا يعرفون له مرسلاً إلا صحيحاً (٢).

وأيضاً ما رواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال: أنشد رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام " قال: فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل، حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اشهدوا أن دمها هدر)) رواه أبو داود والنسائي (٣).

ومن السنة أيضاً: ما احتج به الشافعي على أن الذمي إذا سب قتل وبرئت منه الذمة وهو قصة كعب بن الأشرف اليهودي. والحديث متفق عليه (٤). وأما إجماع الصحابة: فقد نقل ذلك عنهم في قضايا متعددة مستفيضة ولم ينكرها أحد فصارت إجماعاً ومن ذلك: ما رفع إلى المهاجر بن أبي أمية، وكان أميراً على اليمامة ونواحيها: أن امرأتين مغنيتين غنت أحدهما بشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقطع يدها ونزع ثنيتيها وغنت الأخرى بهجاء المسلمين فقطع يدها ونزع ثنيتيها، فكتب إليه أبو بكر: بلغني الذي سرت به في المرأة التي غنت وزمزمت بشتم النبي صلى الله عليه وسلم فلولا ما قد سبقتني لأمرتك بقتلها، لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد أو معاهد فهو محارب غادر (٥).


(١) [١١٠٠])) رواه أبو داود (٢/ ٥٣٣) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٩/ ٢٠٠) , والحديث سكت عنه أبو داود, وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (٧/ ٣٨٠): رجاله رجال الصحيح, وقال الألباني في ((إرواء الغليل)) (٥/ ٩١): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) [١١٠١])) ((الصارم المسلول على شاتم الرسول)) (ص٦١).
(٣) [١١٠٢])) رواه أبو داود (٤٣٦١) , والنسائي (٧/ ١٠٧) (٤٠٧٠) , والدارقطني (٣/ ١١٢) , والطبراني (١١/ ٣٥١) , والحديث سكت عنه أبو داود, وقال ابن حجر في ((بلوغ المرام)) (٣٦٣): رواته ثقات, وقال الشوكاني في ((الدراري المضية)) (٤٠٦): رجال إسناده ثقات, وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٤) [١١٠٣])) رواه البخاري (٤٠٣٧) ومسلم (١٨٠١).
(٥) [١١٠٤])) انظر ((الصارم المسلول على شاتم الرسول)) (ص ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>