للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - ومن مناقبها رضي الله عنها ما رواه الشيخان بإسنادهما إلى عبد الله بن عبد الرحمن أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) (١).

في هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فضل عائشة زائد على النساء كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة.

قال النووي: (قال العلماء: معناه أن الثريد من كل طعام أفضل من المرق فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد، وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه، والمراد بالفضيلة: نفعه والتشبع منه وسهولة مساغه والالتذاذ به وتيسر تناوله وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة وغير ذلك فهو أفضل من المرق كله ومن سائر الأطعمة، وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة. وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية لاحتمال أن المراد تفضيلها على نساء هذه الأمة) (٢).

وبهذا يتبين فضلها ومنزلتها رضي الله عنها وأرضاها.

وقد اختلف العلماء في التفضيل بين خديجة وفاطمة وعائشة رضي الله عنهن حتى اشتهر ذلك (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أفضل نساء هذه الأمة خديجة وعائشة وفاطمة وفي تفضيل بعضهن على بعض نزاع وتفصيل) (٤).

وعند التحقيق والنظر في النصوص الواردة في تفضيل كل واحدة منهن رضي الله عنهن نجد أنها تدل على أفضلية خديجة وفاطمة ثم عائشة رضي الله عنهن، وذلك أن الضمير الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير نسائها خديجة)) (٥) قد فسر صريحا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لقد فضلت خديجة على نساء أمتي)) (٦).

وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية)) (٧).

قال ابن حجر: (وهذا نص صريح لا يحتمل التأويل) (٨).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون)) (٩).


(١) رواه البخاري (٣٧٧٠)، ومسلم (٢٤٤٦).
(٢) ((شرح صحيح مسلم)) (١٥/ ٢٠٨ - ٢٠٩).
(٣) انظر: ((أصول الدين)) للبغدادي (ص: ٣٠٦)، و ((الروض الأنف)) (٢/ ٢٩٨)، و ((الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)) للزركشي (ص: ٥٦ - ٥٩)، و ((بدائع الفوائد)) (٣/ ١٦٣)، و ((جلاء الأفهام)) (ص: ١٢٢)، و ((فتح الباري)) (٧/ ١٣٩)، و ((البداية والنهاية)) (٣/ ١٢٧).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٣٩٤).
(٥) رواه البخاري (٣٨١٥).
(٦) رواه البزار في ((البحر الزخار)) (٤/ ٢٥٥)، والطبراني كما ذكر الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢٢٦): وقال: رواه الطبراني والبزار وفيه أبو يزيد الحميري ولم أعرفه وبقية رجاله وثقوا، وحسن إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (٧/ ١٦٨)، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (٢٤٩): إسناده رجاله ثقات غير أبي يزيد الحميري فلم يعرف.
(٧) رواه أحمد (١/ ٢٩٣) (٢٦٦٨)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٥/ ٩٣) (٨٣٥٥)، وابن حبان (١٥/ ٤٧٠) (٧٠١٠)، والحاكم (٢/ ٥٣٩). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي، وقال النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)) (٢/ ٣٤١): إسناده حسن، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢٢٦): رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (٦/ ٥٤٣).
(٨) ((فتح الباري)) (٧/ ١٣٥).
(٩) رواه الترمذي (٣٨٧٨)، وأحمد (٣/ ١٣٥) (١٢٤١٤)، وابن حبان (١٥/ ٤٦٤) (٧٠٠٣)، والحاكم (٣/ ١٧٢). من حديث أنس رضي الله عنه. قال الترمذي: صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (٦/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>