للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا نص في أن خديجة رضي الله عنها أفضل نساء الأمة.

ثم إن اللفظ الوارد في تفضيل فاطمة رضي الله عنها وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة)) (١). وفي لفظ ((سيدة نساء أهل الجنة)) (٢) (فهو صريح لا لبس فيه ولا يحتمل التأويل، وهو نص في أنها أفضل نساء الأمة وسيدة نساء أهل الجنة، وقد شاركت أمها في هذا التفضيل فهي وأمها أفضل نساء أهل الجنة، وهي وأمها أفضل نساء الأمة بهذا وردت النصوص) (٣).

أما ما ورد في تفضيل عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم: ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)) (٤) فهو لفظ لا يستلزم الأفضلية المطلقة كما قال ابن حجر: (وليس فيه تصريح بأفضلية عائشة رضي الله عنها على غيرها، لأن فضل الثريد على غيره من الطعام إنما هو لما فيه من تيسير المؤونة وسهولة الإساغة، وكان أجل أطعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل جهة فقد يكون مفضولاً بالنسبة لغيره من جهات أخرى) (٥).

فالحديث إذاً دال على أفضلية عائشة رضي الله عنها على سائر نساء هذه الأمة ما عدا خديجة وفاطمة رضي الله عنهن لورود الدليل على ذلك مما قيد تلك الأفضلية لعائشة رضي الله عنها.

وأما ما ورد من حديث عمرو بن العاص لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ((أي النساء أحب إليك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: عائشة)) (٦) فقد أشار ابن حبان رحمه الله على أنه مقيد في نسائه صلى الله عليه وسلم إذ عقد عنواناً في صحيحه فقال: (ذكر خبر وهم في تأويله من لم يحكم صناعة الحديث) وساق تحته حديث عمرو بلفظ: ((قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقلت: إني لست أعني النساء إنما أعني الرجال، فقال: أبو بكر أو قال أبوها)) (٧).

ثم قال ابن حبان: (ذكر الخبر الدال على أن مخرج هذا السؤال كان عن أهله دون سائر النساء من فاطمة وغيرها) وأخرج بسنده عن أنس قال: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة قيل له: ليس عن أهلك نسألك قال: فأبوها)) (٨).

وبهذا يتبين أن عائشة تلي خديجة وفاطمة في الفضل رضي الله عنها إذ كل ما ورد من دليل على عموم تفضيلها رضي الله عنها مقيد بالنص الوارد في خديجة وفاطمة رضي الله عنهن.

ولا ينكر أن لعائشة رضي الله عنها من الفضائل كالعلم مثلاً ما تختص به عن خديجة وفاطمة رضي الله عنهن إلا أنه (لا يلزم من ثبوت خصوصية شيء من الفضائل ثبوت الفضل المطلق) (٩). العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط لسليمان السحيمي –ص: ٨٩ بتصرف


(١) رواه البخاري (٦٢٨٥)، ومسلم (٢٤٥٠). من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) رواه البخاري (٣٦٢٣). من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) ((مباحث المفاضلة في العقيدة)) (ص: ٣٦٨) رسالة دكتوراه للشيخ محمد أبو سيف بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ١٤١١هـ.
(٤) رواه البخاري (٣٧٧٠)، ومسلم (٢٤٤٦).
(٥) ((فتح الباري)) (٦/ ٤٤٧).
(٦) رواه البخاري (٣٦٦٢)، ومسلم (٢٣٨٤) بلفظ: ((أي الناس)) بدلاً من ((أي النساء)).
(٧) رواه ابن حبان (١٦/ ٤٠) (٧١٠٦).
(٨) رواه ابن حبان (١٦/ ٤٠) (٧١٠٧).
(٩) ((فتح الباري)) (٧/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>