للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما سبق نستنتج أن النصيحة أصل عظيم من أصول الإسلام ولذلك عدها ابن بطة من أصول السنة عند السلف رضوان الله عليهم (١).

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما يبايع أحدًا، يشترط عليه النصح لكل مسلم. قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: (بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على النصح لكل مسلم) (٢).

وقد دأب الصحابة رضوان الله عليهم على أداء هذا الحق لأئمتهم، فقد روى الإمام أحمد بسنده إلى محمد بن عبد الله (أن عبد الله بن عمر لقي ناسًا خرجوا من عند مروان فقال: من أين جاء هؤلاء؟ قالوا: خرجنا من عند الأمير مروان، قال: وكل حق رأيتموه تكلًّمتم به وأعنتم عليه، وكل منكر رأيتموه أنكرتموه عليه؟ قالوا: لا والله، بل يقول ما ينكر فنقول قد أصبت أصلحك الله، فإذا خرجنا من عنده قلنا: قاتله الله ما أظلمه وأفجره. قال عبد الله: كنا بعهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعدُّ هذا نفاقًا لمن كان هكذا) (٣).

وقد رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يؤدي المؤمن هذه النصيحة إلى أئمة الجور وإن خاف منهم الهلاك وعد ذلك من أفضل الجهاد يدل عليه الأحاديث التالية:

١ - عن أبي أمامة رضي الله عنه ((أن رجلاً قال: يا رسول الله! أي الجهاد أفضل؟ ورسول الله يرمي الجمرة الأولى فأعرض عنه، ثم قال له عند الجمرة الوسطى فأعرض عنه، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز قال: أين السائل؟ قال: أنا ذا يا رسول الله. قال: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)) (٤).

قال الخطابي: (إنما كان هذا أفضل الجهاد لأن من جاهد العدو كان على أمل الظفر بعدوه ولا يتيقن العجز عنه، لأنه لا يعلم يقينًا أنه مغلوب، وهذا يعلم أن يد سلطانه أقوى من يده، فصارت المثوبة فيه على قدر عظيم المئونة) (٥).

٢ - وعن جابر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى رجل فأمره ونهاه في ذات الله فقتله على ذلك)) (٦).


(١) [١٣٢٨٨])) انظر: ((الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة)) (ص: ١٧٩) رسالة ماجستير مقدمة من الطالب رضا معطي نعسان بجامعة أم القرى.
(٢) [١٣٢٨٩])) رواه مسلم (٥٦).
(٣) [١٣٢٩٠])) رواه أحمد (٢/ ٦٩) (٥٣٧٣). قال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٧/ ١٩٨): إسناده صحيح، وقال شعيب الأرناؤوط محقق ((المسند)): صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر بن عبدالله.
(٤) [١٣٢٩١])) رواه ابن ماجه (٣٢٥٧)، وأحمد (٥/ ٢٥٦) (٢٢٢٦١)، والطبراني (٨/ ٢٨٢) (٨٠٩٧)، والبيهقي (١٠/ ٩١) (٢٠٦٨٠). قال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (٣/ ٣٩٧): [فيه] أبو غالب أرجو أنه لا بأس به، وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (٥/ ٣١٤)، وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): حسن صحيح.
(٥) [١٣٢٩٢])) ((العزلة)) (ص: ٩٢).
(٦) [١٣٢٩٣])) رواه الحاكم (٣/ ٢١٥) بلفظ: ((سيد)) بدلاً من ((خير))، والديلمي (٢/ ٣٢٤) (٣٤٧٢)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (٦/ ٥٣). قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>