للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي عياض: (أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر) (١). وقال الحافظ ابن حجر: (أنه - أي الإمام - ينعزل بالكفر إجماعًا، فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض) (٢).

وقال السفاقسي: (أجمعوا على أن الخليفة إذا دعا إلى كفر أو بدعة يثار عليه) (٣).

الثاني: ترك الصلاة والدعوة إليها:

كما أن من الأسباب الموجبة لعزل الإمام ترك الصلاة والدعوة إليها، إما جحودًا فهذا كفر ويدخل في السبب الآنف الذكر، وإما تهاونًا وكسلاً فعلى رأي بعض العلماء أنه معصية وكبيرة من الكبائر، وعلى الرأي الآخر أنه كفر ... فعلى أي الحالين يجب عزل الإمام الذي يترك الصلاة عملاً بالأحاديث الواردة في ذلك والتي نهت عن منابذة أئمة الجور ونقض بيعتهم وعن مقاتلتهم بشرط إقامتهم الصلاة ومن الأحاديث:

١ - ما رواه مسلم عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم. قال: قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ... )) الحديث (٤). ومن مفهوم الحديث أنه متى تركوا إقامة الصلاة فإنهم ينابذون، والمنابذة هي المدافعة والمخاصمة والمقاتلة.

٢ - كما يدل على ذلك أيضًا الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا)) (٥).

وهذا الحديث فيه التصريح بمقاتلة الأمراء الذين لا يصلون، ومعلوم أن المقاتلة هي آخر وسيلة من وسائل العزل ...

الثالث: ترك الحكم بما أنزل الله:

وهذا السبب أيضًا كالذي قبله تستوي فيه الصور من الحكم بغير ما أنزل الله المخرجة لفاعلها من الإسلام، وكذلك الصور التي لا تخرجه من الملة ...

والذي يدل على أن هذا السبب موجب لعزل الإمام بجميع صوره المكفرة والمفسقة هو ورودها مطلقة في الأحاديث النبوية الصحيحة الآتية:

١ - عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله)) (٦).


(١) [١٣٣٧٥])) ((شرح صحيح مسلم) للنووي (١٢/ ٢٢٩).
(٢) [١٣٣٧٦])) ((فتح الباري)) (١٣/ ١٢٣).
(٣) [١٣٣٧٧])) ((إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري)) (١٠/ ٢١٧).
(٤) [١٣٣٧٨])) رواه مسلم (١٨٥٥).
(٥) [١٣٣٧٩])) رواه مسلم (١٨٥٤).
(٦) رواه البخاري (٧١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>