للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدل القائلون بالعزل بالأدلة الدالة على اشتراطه في عقد الإمامة ابتداء ... قالوا: فكذلك هنا، ولأن الغرض من المنصب هو حماية جناب الدين ورفع الظلم وتحقيق العدل، فإذا انتفت هذه الخصال انتفى مقصود الإمامة والإمامة واجبة شرعًا كما مر فدل على أنه لا بد أن يكون الإمام عادلاً.

واستدل المانعون بالأحاديث الصحيحة الكثيرة في الأمر بالصبر على جور الأئمة وعدم نزع اليد من الطاعة، وبما يترتب على العزل من فتن وإراقة الدماء وقد يجلب دفع هذا المنكر منكرًا أكبر منه وهذا لا يجوز ...

الخامس: نقص التصرف:

ومن مسببات العزل أيضًا نقص التصرف، وذلك بأن يطرأ على الإمام ما يقيد تصرفاته أو يبطلها، وقد قسمه العلماء إلى حجر وقهر:

أ- فالحجر: (هو: أن يستولي عليه من أعوانه من يستبد بتنفيذ الأمور من غير تظاهر بمعصية ولا مجاهرة بمشاقه) (١).

فهذا لا يقتضي عزله وخروجه من أحكام الإمامة، وإنما ينظر إلى أفعال من استولى على أموره وهي: لا تخرج عن صورتين.

١ - إما أن تكون جارية على أحكام الدين ومقتضى العدل، وفي هذه الحالة يجوز (إقراره عليها تنفيذًا لها وإمضاء لأحكامها، لئلا يقف من الأمور الدينية ما يعود بفساد على الأمة) (٢).

٢ - وإما أن تكون أفعاله خارجة عن حكم الدين ومقتضى العدل ففي هذه الحال (لم يجز إقراره عليها، ولزمه أن يستنصر من يقبض يده ويزيل تغلبه) (٣).

ب- أما القهر فله صورتان:

الأولى: الأسر:

وهو: أن يصير مأسورًا في يد عدو قاهر لا يقدر على الخلاص منه، سواء كان هذا العدو مشركًا أو مسلمًا باغيًا ...

١ - أن يكون مرجو الخلاص من هذا الأسر فهو في هذه الحال باق على إمامته، قال الماوردي: (وهو على إمامته ما كان مرجو الخلاص مأمول الفكاك إما بقتال أو بفداء) (٤) وعلى كافة الأمة استنقاذه لما أوجبته الإمامة من نصرته.

٢ - أن يكون ميئوسًا من خلاصه، وفي هذه الحال ينظر إلى الآسر:

أ- فإن كانوا المشركين: فعلى أهل الحل والعقد استئناف بيعة غيره على الإمامة.

ب- وإن كانوا بغاة: فلن يخلو حالهم من أمرين:

١ - إما أن يكونوا قد نصبوا لأنفسهم إمامًا دخلوا في بيعته، وانقادوا لطاعته ففي هذه الحال يكون (الإمام المأسور في أيديهم خارجًا من الإمامة بالإياس من خلاصه، لأنهم قد انحازوا بدار تفرد حكمها عن الجماعة وخرجوا بها عن الطاعة، فلم يبق لأهل العدل بهم نصرة وللمأسور معهم قدرة، وعلى أهل الاختيار في دار العدل أن يعقدوا الإمامة لمن ارتضوا لها فإن خلص المأسور لم يعد إلى الإمامة لخروجه منها) (٥).

٢ - وإما أن يكونوا لم ينصبوا لهم إمامًا، بل كانوا فوضى لا إمام لهم ففي هذه الحالة يكون (الإمام المأسور في أيديهم على إمامته، لأن بيعتهم له لازمة وطاعته عليهم واجبة، فصار معهم كمصيره مع أهل العدل إذا صار تحت الحجر، وعلى أهل الاختيار أن يستنيبوا عنه ناظرًا يخلفه إن لم يقدر على الاستنابة، فإن قدر عليها كان أحق باختيار من يستنيبه منهم) (٦).

الصورة الثانية: أن يخرج عليه من يستولي على الإمامة بالقوة:


(١) [١٣٣٩٨])) ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ١٩)، و ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ٢٢).
(٢) [١٣٣٩٩])) ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ٢٠)، و ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ٢٣).
(٣) [١٣٤٠٠])) ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ٢٣)، و ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ٢٠).
(٤) [١٣٤٠١])) ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ٢٠).
(٥) [١٣٤٠٢])) ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلي (ص٢٣)، و ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ٢٠).
(٦) [١٣٤٠٣])) ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ٢٠)، و ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>