للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وروى الأصبهاني من حديث أبي الدرداء عويمر قال: ((قلت يا نبي الله إن مع الإيمان عملاً؟ قال يرضخ مما رزقه الله. قال: قلت يا نبي الله: أرأيت إن كان فقيراً لا يجد ما يرضخ به؟ قال: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. قال: قلت يا رسول الله إن كان عيياً لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال يعين صانعاً أو يصنع لأخرق. قال: قلت يا نبي الله إن كان أخرق ولا يستطيع شيئاً؟ قال يعين مغلوباً. قال قلت يا نبي الله أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مغلوباً؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير. قال: يمسك أذاه عن الناس. قلت: يا نبي الله إذا فعل ذلك يدخل الجنة؟ قال: ما من مسلم أو مؤمن يفعل خصلة من هؤلاء إلا أخذت بيده حتى يدخل الجنة)) (١).

فبين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الخصال التي تدخل صاحبها الجنة.

ومن المتفق عليه بين الأمة أن العمل الواحد لا ينجي صاحبه من النار ولا يدخله الجنة. ولكن –إذا صح هذا الحديث- فإننا نقول أن يقوم الإنسان بالمفروضات والواجبات ويركز على بعض الخصال المندوبة فحينئذ يرجى له دخول الجنة.

والله أعلم.

٩ - وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((والذي نفسي بيده إن المعروف والمنكر خليقتان ينصبان للناس يوم القيامة. فأما المعروف فيبشر أصحابه ويعدهم الخير وأما المنكر فيقول إليكم إليكم وما يستطيعون له إلا لزوماً)) (٢).

١٠ - وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما من رجل ينعش لسانه حقاً يعمل به بعده إلا أجرى الله عليه أجره إلى يوم القيامة ثم وفاه الله عز وجل ثوابه يوم القيامة)) (٣).

فهذان الحديثان يبينان عظمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضلهما حيث إن المعروف يبشر صاحبه والنهي عن المنكر يدافع عنه. وأن أجره يجري إلى يوم القيامة طالما أن ذلك العمل ناتج بسبب أمره ونهيه.

فهنيئاً للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لما ينالهم من الثواب الكبير والأجر العظيم. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعبد العزيز بن أحمد المسعود – بتصرف - ص١٤٠


(١) لم أقف عليه من حديث أبي الدرداء. ولكن الحديث رواه ابن حبان (٢/ ٩٦) (٣٧٣)، والطبراني (٢/ ١٥٦) (١٦٥١)، والحاكم (١/ ١٣٢)، والبيهقي (٣/ ٢٠٣). من حديث أبي ذر رضي الله عنه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٢٣٣): رواته ثقات، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ١٣٨): رجاله ثقات.
(٢) رواه أحمد (٤/ ٣٩١) (١٩٥٠٥)، والطيالسي (٥٣٥)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٨/ ٣٧٦) (٨٩٢٥). قال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (٧/ ٣٦٣): رواه أبو داود الطيالسي، ورواته ثقات، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٧/ ٢٦٥): رواه أحمد والبزار ورجالهما رجال الصحيح، وقال الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥٠٨٢): رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن قتادة والحسن البصري مدلسان وقد عنعناه.
(٣) رواه أحمد (٣/ ٢٦٦) (١٣٨٢٩)، والخطيب البغدادي في ((موضح أوهام الجمع والتفريق)) (٢/ ٤٦٧)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (١/ ٩٥)، وقال: إسناده فيه نظر لكن الأصول تعضده. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ١٧٢): فيه عبيد الله بن عبد الله بن موهب، قال أحمد: لا يعرف، قلت: وشيخ ابن موهب مالك بن محمد بن حارثة الأنصاري لم أر من ترجمه، وضعفه الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>