للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها قوله تعالى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا [النور: ٣٣].

ومنها قوله: وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة: ١٧٢].

ومنها قوله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ [النساء: ١٠١] فإن القصر جائز وإن لم يوجد الخوف.

ومنها قوله: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ [البقرة: ٢٨٣]. والرهن جائز مع الكتابة.

ومنها قوله: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ [البقرة: ٢٣٠]. والمراجعة جائزة بدون هذا الظن (١).

ويتابع الإمام الرازي كلامه ويقول: (إذا عرفت هذا ذكروا لذكر هذا الشرط فوائد:

إحداها: أن من باشر فعلاً لغرض فلا شك أن الصورة التي علم فيها إفضاء تلك الوسيلة إلى ذلك الغرض، كان إلى ذلك الفعل أوجب من الصورة التي علم فيها عدم ذلك الإفضاء، فلذلك قال: إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى.

وثانيها: أنه تعالى ذكر أشرف الحالتين ونبه على الأخرى كقوله: سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ [النحل: ٨١] والتقدير فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى أو لم تنفع.

وثالثها: أن المراد به البعث على انتفاع بالذكرى كما يقول المرء لغيره إذا بين له الحق: وقد أوضحت لك إن كنت تعقل. فيكون مراده البعث على القبول والانتفاع.

ورابعها: أن هذا يجري مجرى تنبيه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا تنفعهم الذكرى كما يقال للرجل: ادع فلانا إن أجابك ما أراه يجبيك.

وخامسها: أنه عليه السلام دعا إلى الله كثيراً، وكلما كانت دعوته أكثر كان عتوهم أكثر، وكان عليه السلام يحترق حسرة على ذلك، فقيل له: وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق: ٤٥] إذ التذكير العام واجب في أول الأمر فأما التكرير فلعله إنما يجب عند رجاء حصول المقصود فلهذا المعنى قيده بهذا الشرط) (٢).

وأما قوله تعالى: إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ [فاطر: ١٨]. فبين المفسرون رحمهم الله تعالى بأن المنتفعين بالإنذار هم أولئك، وليس المعنى بأن غيرهم لا يذكر ولا ينذر. يقول أبو القاسم الغرناطي: (المعنى أن الإنذار لا ينفع إلا الذين يخشون ربهم، وليس المعنى اختصاصهم بالإنذار) (٣).

وأما قوله تعالى: إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ [يس: ١١] فالمراد به – كما بين المفسرون – مثل المقصود بالآية السابقة. يقول أبو القاسم الغرناطي في تفسيره: (معناه كقوله: إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ وقد ذكرناه في فاطر) (٤).

وأما قوله تعالى: فَذَكِّرْ بِالقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق: ٤٥] فهو – كما يقول أبو القاسم الغرناطي – كقوله: إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ لأنه لا ينفع التذكير إلا من يخاف (٥).

فخلاصة القول أن الاستدلال بتلك الآيات على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بسبب عدم استجابة الناس غير صحيح. شبهات حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لفضل إلهي- بتصرف– ص: ٣٠


(١) ((التفسير الكبير)) (٣١/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٢) ((التفسير الكبير)) (٣١/ ١٤٤).
(٣) ((كتاب التسهيل)) (٣/ ٣٤٢).
(٤) كتاب ((التسهيل)) (٣/ ٣٥٢). وانظر أيضاً: ((زاد المسير)) (٧/ ٨)، و ((تفسير القاسمي)) (١٤/ ٦٢).
(٥) انظر كتاب ((التسهيل)) (٣/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>