للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يحسن إلحاقه بهذه المسألة: ما قرره ابن تيمية من مشروعية الفصل بين الفرض والنفل في صلاة الجمعة، لما جاء في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ((نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام)) (١) ثم علل ابن تيمية ذلك بقوله: (فإن كثيراً من أهل البدع لا ينوون الجمعة بل ينوون الظهر، ويظهرون أنهم سلموا، وما سلموا، فيصلون ظهراً، ويظن الظان أنهم يصلون السنة، فإذا حصل التمييز بين الفرض والنفل كان في هذا منع لهذه البدعة) (٢).

د- يقرر أهل السنة مشروعية إقامة صلاة التراويح – كما هو مبسوط في موضعه– خلافاً للروافض القائلين بأنها بدعة حدثت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (٣).

قال الإمام أبو حنيفة في كتابه الفقه الأكبر: (والتراويح في ليالي شهر رمضان سنة) (٤).

وقال الملا علي قاري في شرحه للفقه الأكبر: (وفيه رد على الروافض) (٥).

وقال أبو عبد الله محمد بن خفيف في (عقيدته): (والتراويح سنة) (٦).

وقال قوام السنة الأصفهاني: (ومن السنة صلاة التراويح في شهر رمضان في الجماعة) (٧).

ولما سئل ابن تيمية عمن يصلي التراويح قبل العشاء الآخرة، كان من جوابه: (ولكن الرافضة تكره صلاة التراويح؛ فإذا صلوا قبل العشاء الآخرة لا تكون هي صلاة التراويح .. فمن صلاها قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة) (٨).

وإذا تقرر – عند أهل السنة – استحباب صلاة التراويح خلافاً للرافضة، فإن أهل السنة وسط في هذا الباب بين غلاة المتعبدة الذين أوجبوا قيام الليل، وبين الروافض الجفاة، كما بين ذلك ابن تيمية بقوله: (وغلاة العباد يوجبون على أصحابهم صلاة الضحى والوتر وقيام الليل، فتصير الصلاة عندهم سبعاً، وهو دين النصارى، والرافضة لا تصلي جمعة ولا جماعة، لا خلف أصحابهم ولا غير أصحابهم، ولا يصلون إلا خلف المعصوم، ولا معصوم عندهم) (٩).

هـ- ومسائل الصلاة التي قررها أهل السنة في كتب العقيدة كثيرة يتعسر حصرها، لكن أشير في خاتمة هذا المبحث إلى بعضها على سبيل الاختصار:

- قرر أهل السنة مشروعية قصر الصلاة في السفر – كما جاءت به السنة – وكما قال الإمام المزني – في عقيدته: (وإقصار الصلاة في الأسفار) (١٠).

كما قرر ذلك البربهاري (١١)، وقوام السنة الأصفهاني (١٢)، خلافاً لبعض الخوارج الذين لا يجيزون القصر إلا مع الخوف (١٣).

- توسط أهل الحديث في مسألة القنوت بين من كره القنوت في الفجر مطلقاً عند النوازل وغيرها (١٤)، وبين من استحبها عند النوازل وغيرها، كما حكاه ابن القيم (١٥).

قال ابن بطة: (ومن السنة ألا تجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا تقنت في الفجر إلا أن يدهم المسلمين أمر من عدوهم، فيقنت الإمام فيتبعه) (١٦).


(١) رواه مسلم (٨٨٣).
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (٢٤/ ٢٠٣).
(٣) انظر: ((بحار الأنوار)) (٨/ ٢٨٤)، و ((فقه الشيعة الإمامية)) للسالوس (ص: ٢٢١).
(٤) ((شرح الفقه الأكبر)) (ص: ١٠٦).
(٥) ((شرح الفقه الأكبر)) (ص: ١٠٦).
(٦) ((الفتوى الحموية)) (ص: ٤٤٤).
(٧) ((الحجة في بيان المحجة)) (٢/ ٤٠٩).
(٨) ((مجموع الفتاوى)) (٢٣/ ١٢٠، ١٢١)، وانظر: ((مختصر الفتاوى المصرية)) (ص: ٨١).
(٩) ((منهاج السنة)) (٥/ ١٧٥).
(١٠) ((شرح السنة)) للمزني (ص: ٨٩).
(١١) انظر: ((شرح السنة)) (ص: ٢٧).
(١٢) انظر: ((الحجة)) (٢/ ٤٧٧).
(١٣) انظر: ((مجموع الفتاوى))؛ لابن تيمية (٢٤/ ٢٢)، و ((مختصر الفتاوى المصرية)) (ص: ٧٢).
(١٤) كالإباضية فهم لا يرون القنوت. انظر: ((تهذيب الآثار)) لابن جرير (٢/ ٢٨).
(١٥) انظر: ((زاد المعاد)) (٤/ ٣٧٥).
(١٦) ((الإبانة الصغرى)) (ص: ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>