للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم: (وإذا تدبرت الشريع وجدتها قد أتت بسد الذرائع إلى المحرمات، وذلك عكس فتح باب الحيل الموصلة إليها، فالحيل وسائل وأبواب إلى المحرمات، وسد الذرائع عكس ذلك، فبين البابين أعظم تناقض، والشارع حرم الذرائع، وإن لم يقصد بها المحرم، لإفضائها إليه، فكيف إذا قصد بها المحرم نفسه؟) (١).

وحذر ابن القيم من التوثب على محارم الله تعالى باسم الحيل فقال: (فحقيق بمن اتقى الله وخاف نكاله أن يحذر استحلال محارم الله بأنواع المكر والاحتيال، وأن يعلم أنه لا يخلصه من الله ما أظهره مكراً وخديعة من الأقوال والأفعال، وأن يعلم أن لله يوماً تنسف فيه الجبال، وتترادف فيه الأهوال، وتشهد فيه الجوارح والأوصال، وتبلى فيه السرائر، ويصير الباطن فيه ظاهراً، ويحصل ويبدو ما في الصدور، كما يبعثر ويخرج ما في القبور، وتجري أحكام الرب تعالى هنالك على القصود والنيات، كما جرت أحكامه في هذه الدار على ظواهر الأقوال والحركات، يوم تبيض وجوه بما في قلوب أصحابها من النصيحة لله ورسوله وكتابه، وما فيها من البر والصدق والإخلاص للكبير المتعال، وتسود وجوه بما في قلوب أصحابها من الخديعة والغش والكذب والمكر والاحتيال، هنالك يعلم المخادعون أنهم لأنفسهم كانوا يخدعون، وبدينهم كانوا يعلبون، وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون) (٢). مسائل الفروع الواردة في مصنفات العقيدة جمعاً ودراسة لعبد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف– ص: ٤


(١) ((إغاثة اللهفان)) (١/ ٥٣١).
(٢) ((إعلام الموقعين)) (٣/ ١٦٣، ١٦٤) = باختصار يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>