للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن أبي سعيد الخدري ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فصلى صلاة الصبح وهو خلفه، فقرأ، فالتبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته قال: لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين: الإبهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد، يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد؛ فليفعل)) (١).

وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء قال: ((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك, ثم قال: ألعنك بلعنة الله. ثلاثاً، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً. فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله, قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً، لم نسمعك تقوله قبل ذلك. ورأيناك بسطت يدك؟ قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي. فقلت: أعوذ بالله منك. ثلاث مرات. ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة. فلم يستأخر. ثلاث مرات. ثم أردت أخذه. والله! لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة)) (٢).

فهذه الروايات تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الشيطان، ومعه شعلة من نار ليحرق بها وجهه، فأخذه، ولولا دعوة النبي سليمان عليه السلام لربطه في أحد سواري المسجد لينظر إليه الناس.

٢ - عن أبي عبد الله الجدلي عن ابن مسعود قال: ((استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، فانطلقت معه حتى بلغنا أعلى مكة، فخط لي خطاً وقال: لا تبرح، ثم انصاع في أجبال الجن، فرأيت الرجال ينحدرون عليه من رؤوس الجبال حتى حالوا بيني وبينه، فاخترطت السيف وقلت: لأضربن حتى استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكرت قوله: لا تبرح حتى آتيك، فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر .. )). الحديث (٣)

فقوله في الحديث: (فرأيت الرجال ينحدرون عليه من رؤوس الجبال) فيه دليل على أنهم ظهروا لابن مسعود في صورة الرجال، حتى خاف على الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، فهم بسيفه ليقاتلهم.


(١) رواه أحمد (٣/ ٨٢) (١١٧٩٧). قال ابن رجب في ((فتح الباري)) (٦/ ٣٩٧): إسناده جيد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٢/ ٩٠): رجاله ثقات، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٣٢٥١): إسناده جيد رجاله ثقات.
(٢) رواه مسلم (٥٤٢).
(٣) رواه الطبراني (١٠/ ٦٧) (٩٩٨٩). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ٣١٧): رواه الطبراني وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>