للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك قول آخر في هذه المسألة ينقل عن أهل السنة وهو أن (الاسم للمسمى) ذكره ابن جرير حيث قال: (وحسب امرئ من العلم به، والقول فيه، أن ينتهي إلى قول الله عز وجل ثناؤه الصادق وهو قوله: قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [الإسراء: ١١٠] (١). وقوله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: ١٨٠]) اهـ (٢).

شناعة قول الجهمية في هذه المسألة:

قال ابن أبي حاتم في كتاب (الرد على الجهمية): ذكر نعيم بن حماد أن الجهمية قالوا: إن أسماء الله مخلوقة, لأن الاسم غير المسمى, وادعوا أن الله كان ولا وجود لهذه الأسماء ثم خلقها ثم تسمى بها.

قال: قلنا لهم إن الله قال: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى , وقال: ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فأخبر أنه المعبود, ودل كلامه على اسمه بما دل به على نفسه, فمن زعم أن اسم الله مخلوق فقد زعم أن الله أمر نبيه أن يسبح مخلوقاً.

ونقل عن إسحاق بن راهويه عن الجهمية أن جهماً قال: لو قلت إن لله تسعاً وتسعين اسماً لعبدت تسعة وتسعين إلهاً. قال: فقلنا لهم عن الله أمر عباده أن يدعوه بأسمائه فقال وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا والأسماء جمع أقله ثلاثة، ولا فرق في الزيادة على الواحد بين الثلاثة وبين التسعة والتسعين (٣).

وقالت الجهمية لمن قال: إن الله لم يزل بأسمائه وصفاته: قلتم بقول النصارى حيث جعلوا معه غيره.

فأجابوا (أي أهل السنة): بأنا نقول إنه واحد بأسمائه وصفاته فلا نصف إلا واحداً بصفاته كما قال تعالى: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وصفه بالوحدة مع أنه كان له لسان, وعينان, وأذنان, وسمع, وبصر, ولم يخرج بهذه الصفات عن كونه واحد, ولله المثل الأعلى (٤).

وقال الشافعي: (من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة، لأن اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة أو بالصفا والمروة فليس عليه الكفارة، لأنه مخلوق، وذاك غير مخلوق) (٥). النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود -٢٣


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٠٧) باختصار.
(٢) ((صريح السنة)) (٢٧).
(٣) ((الفتح)) (١٣/ ٣٧٨).
(٤) ((الفتح)) (١٣/ ٣٨١).
(٥) رواه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (٢/ ٢١١)، والذهبي في ((العلو)) (ص: ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>