للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو موسى المديني: في حديث زيد بن عمرو: ((حنانيك؛ أي: ارحمني رحمة بعد رحمة)) اهـ (١).

وقال الأزهري: روى أبو العباس عن ابن الأعرابي؛ أنه قال: الحنَّان: من أسماء الله؛ بتشديد النون؛ بمعنى: الرحيم قال: والحنَان؛ بالتخفيف: الرحمة قال: والحنان: الرزق، والحنان: البركة، والحنان: الهيبة، والحنان: الوقار ثم قال الأزهري: وقال الليث: الحنان: الرحمة، والفعل التحنُّن قال: والله الحنَّان المنَّان الرحيم بعباده، ومنه قوله تعالى: وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا؛ أي: رحمة من لدنا قلت (أي: الأزهري): والحنَّان من أسماء الله تعالى، جاء على فعَّال بتشديد النون صحيح، وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه؛ لأنه ذهب به إلى الحنين، فاستوحش أنَّ يكون الحنين من صفات الله تعالى، وإنما معنى الحنَّان: الرحيم، من الحنان، وهو الرحمة ثم قال: قال أبو إسحاق: الحنَّان في صفة الله: ذو الرحمة والتعطف اهـ كلام الأزهري (٢)

وقال أبو سليمان الخطابي: الحنَّان: ذو الرحمة والعطف، والحنان – مخفف - الرحمة (٣).

وقال ابن تيمية: وقال (يعني: الجوهري): الحنين: الشوق، وتوقان النفس وقال: حنَّ إليه يحنُّ حنيناً فهو حانٌّ، والحنان: الرحمة، يقال: حنَّ عليه يحنُّ حناناً، ومنه قوله تعالى: وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً، والحنَّان بالتشديد: ذو الرحمة، وتحننَّ عليه: ترحَّم، والعرب تقول: حنانيك يا رب! وحنانك! بمعنى واحد؛ أي: رحمتك وهذا كلام الجوهري، وفي الأثر في تفسير الحنَّان المنَّان: أنَّ الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنَّان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، وهذا باب واسع اهـ كلام ابن تيمية (٤).

وقال ابن القيم (٥) راداً على الجهمية نفاة الصفات:

قالوا وليس لربِّنَا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ ... ولا وَجْهٌ فكيفَ يَدَانِ

وكذاك ليس لربِّنَا من قُدْ ... رَةٍ وإرادةٍ أو رحمةٍ وحَنَانِ

كلا ولا وَصْفٌ يَقُومُ بِه ... سِوى ذاتٌ مجردةٌ بِغَيْرِ مَعَانِ

تنبيهات:

الأول: فَسَّرَ بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا؛ أي آتيناه الحكم وحناناً وزكاةً؛ أي: جعلناه ذا حنان وزكاة، فيكون الحنان صفة ليحيى عليه الصلاة والسلام.

الثاني: روى ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجه؛ من طريق وكيع عن أبي خزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: ((سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك، لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض)) (٦) وهذا إسناد صحيح.

ورواه أحمد، والنسائي، وأبو داود، والطبراني، والبغوي، والحاكم؛ من طريق خلف بن خليفة عن حفص بن عمر أخي أنس بن مالك لأمه؛ بلفظ: ((المنَّان)) (٧).

وأخرجه أحمد من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان)) (٨).


(١) ((المجموع المغيث)) (١/ ٥١٤).
(٢) ((تهذيب اللغة)) (٣/ ٤٤٦).
(٣) ((شأنَّ الدعاء)) (ص ١٠٥).
(٤) ((شرح حديث النُّزول)) (١٨٤).
(٥) ((القصيدة النونية)) (١/ ٥٠).
(٦) رواه ابن أبي شيبة (٦/ ٤٧)، وأحمد (٣/ ١٢٠) (١٢٢٢٦)، وابن ماجه (٣٨٥٨). قال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): حسن صحيح.
(٧) رواه أبو داود (١٤٩٥)، والنسائي (٣/ ٥٢)، أحمد (٣/ ٢٤٥) (١٣٥٩٥)، والطبراني في ((الدعاء)) (١١٦)، والبغوي في ((شرح السنة)) (١٢٥٨)، والحاكم (١/ ٦٨٣). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٨) رواه أحمد (٣/ ١٥٨) (١٢٦٣٢). وقال شعيب الأرناؤوط في ((مسند أحمد)): حديث صحيح، وهذا إسناد قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>