للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعاً: ((أول ما خلق الله تعالى القلم، فأخذه بيَمِينه، وكلتا يديه يَمِين)) (١) رواه ابن أبي عاصم في (السنة ١٠٦)، والآجري في (الشريعة) وصحَّحَه الألباني

حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((لما خلق الله آدم، ونفخ فيه من روحه؛ قال بيده وهما مقبوضتان: خذ أيها شئت يا آدم، فقال: اخترت يَمِين ربي، وكلتا يداه يَمِين مباركة، ثم بسطها)) (٢) رواه ابن أبي عاصم في السنة (٢٠٦)، وابن حبان (٦١٦٧)، والحاكم (١/ ٦٤) وصحَّحَه، وعنه البيهقي في (الأسماء والصفات ٢/ ٥٦) والحديث حسَّنه الألباني في تخريجه لـ (السنة

حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((يَمِين الله ملأى لا يغيضها نفقة وبيده الأخرى القبض؛ يرفع ويخفض)) رواه البخاري، ومسلم (٣) ورواه ابن خزيمة في (كتاب التوحيد)، وسنده صحيح؛ بلفظ: ((وبيَمِينه الأخرى القبض)) (٤)

أقوالهم:

قال ابن خزيمة في (كتاب التوحيد): باب: ذكر سنة ثامنة تبين وتوضح أنَّ لخالقنا جلَّ وعلا يدين، كلتاهما يَمِينان، لا يسار لخالقنا عَزَّ وجَلَّ؛ إذ اليسار من صفة المخلوقين، فَجَلَّ ربنا عن أن يكون له يسار

وقال أيضاً: بل الأرض جميعاً قبضةُ ربنا جَلَّ وعلا، بإحدى يديه يوم القيامة، والسماوات مطويات بيَمِينه، وهي اليد الأخرى، وكلتا يدي ربنا يَمِين، لا شمال فيهما، جل ربنا وعز عن أن يكون له يسار؛ إذ كون إحدى اليدين يساراً إنما يكون من علامات المخلوقين، جل ربنا وعز عن شبه خلقه اهـ (٥)

وقال الإمام أحمد بن حنبل – كما في (طبقات الحنابلة) لأبي يعلى -: وكما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: ((وكلتا يديه يَمِين))، الإيمان بذلك، فمن لم يؤمن بذلك، ويعلم أنَّ ذلك حق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو مُكَذِّبٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم (٦)

وسئل الشيخ الألباني-رحمه الله- في مجلة الأصالة (٧): كيف نوفِّق بين رواية: ((بشماله)) الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في (صحيح مسلم) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكلتا يديه يَمِين)

جواب: لا تعارض بين الحديثين بادئ بدء؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكلتا يديه يَمِين)): تأكيد لقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ؛ فهذا الوصف الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيدٌ للتنْزيه، فيدُ الله ليست كيدِ البشر: شمال ويَمِين، ولكن كلتا يديه سبحانه يَمِين

وأمر آخر؛ أنَّ رواية: ((بشماله)): شاذة؛ كما بيَّنتها في (تخريج المصطلحات الأربعة الواردة في القرآن رقم ١) للمودودي

ويؤكد هذا أنَّ أبا داود رواه وقال: ((بيده الأخرى) بدل: ((بشماله) وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكلتا يديه يَمِين))، والله أعلم

مناقشة الأدلة التي تثبت صفة (الشِّمال) و (اليَسَار):


(١) رواه ابن أبي عاصم في السنة (١٠٦)، وابن بطة في ((الإبانة)) (كتاب القدر) (١/ ٣٣٥)، والآجري في ((الشريعة)) (ص١٦٦). وصححه الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٣١٣٦).
(٢) رواه الترمذي (٣٣٦٨)، وابن حبان (١٤/ ٤٠)، والحاكم (١/ ١٣٢)، والبيهقي (١٠/ ١٤٧). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. والحديث صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح عند ابن خزيمة – كما أشار لذلك في مقدمة كتاب ((التوحيد)) (١/ ١٦٠). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن صحيح.
(٣) رواه البخاري (٧٤١٩)، ومسلم (٩٩٣).
(٤) رواه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (١/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٥) ((التوحيد)) (١٥٩، ١٩٧).
(٦) ((طبقات الحنابلة)) (١/ ٣١٣).
(٧) العدد الرابع - (ص٢٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>