للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث عبدالله بن عمر عند مسلم (٢٧٨٨ - ٢٤)، وفيه لفظة (الشِّمال)، تفرد بها عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سالم عن ابن عمر، وعمر بن حمزة ضعيف، والحديث عند البخاري (٧٤١٢) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وعند مسلم (٢٧٨٨ - ٢٥و٢٦) من طريق عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، وليس عندهما لفظة (الشِّمال).

قال الحافظ البيهقي: ذكر (الشِّمال) فيه، تفرد به عمر بن حمزة عن سالم، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر؛ لم يذكرا فيه الشِّمال وروى ذكر الشِّمال في حديث آخر في غير هذه القصة؛ إلا أنه ضعيف بمرة، تفرد بأحدهما: جعفر بن الزبير، وبالآخر: يزيد الرقاشي وهما متروكان، وكيف ذلك؟! وصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمَّى كلتي يديه يَمِيناً اهـ (١)

حديث أبي الدرداء رضي الله عنه المتقدم، وفيه: ((وقال للتي في يساره: إلى النار ولا أبالي)) (٢).

قولهم: ((إنَّ ذكر اليَمِين يدل على أنَّ الأخرى شمال)): قول صحيح لو لم يرد ما يدل على أنَّ كلتا يدي الله يَمِين.

مناقشة الأدلة التي تثبت أنَّ يدي الله كلتاهما يَمِين:

وصفُ اليدين بأنَّ كلتيهما يَمِين لا يعني عند العرب أنَّ الأخرى ليست يَسَاراً، بل قد يوصف الإنسان بأنَّ يديه كلتاهما يَمِين كما قال المرَّار:

وإِنَّ عَلَى الأمانَةِ مِنْ عَقِيلٍ ... فَتىً كِلْتَا اليدَيْنِ لَهُ يَمِينَ

ولا يعني أن لا شمال له، بل هو من كرمه وعطائه شماله كيَمِينه

انظر البيت في: (مختلف تأويل الحديث) لابن قتيبة (٣)

ولُقِّب أبو الطيب طاهر بن الحسين بن مصعب بذي اليَمِينين، كتب له أحد أصحابه:

للأمِيرِ المُهَذَّبِ ... المُكَنَّى بِطَيِّبِ

ذِي اليَمِينينِ طَاهِرِ بـ ... ـنِ الحُسَيْنِ بنِ مُصْعَبِ

انظر: (ثمار القلوب) (٤)

كما أنَّ العرب تسمى الرجل ذا الشِّمالَين، وقد سمي عمير بن عبد عمرو بن نضلة رضي الله عنه بذلك، وقيل: بل هو ذو اليدين راجع: (الإصابة)

ولا يعنون بذي الشِّمالَين؛ أي: لا يَمِين له

الترجيح:

إنَّ تعليل القائلين بأنَّ إحدى يدي الله عَزَّ وجَلَّ يَمِين والأخرى شمال - وأننا إنما نقول: كلتاهما يَمِين؛ تأدباً وتعظيماً؛ إذ الشِّمال من صفات النقص والضعف - قول قوي، وله حظٌ من النظر؛ إلا أننا نقول: إنَّ صفات الله توقيفية، وما لم يأتِ دليلٌ صحيحٌ صريحٌ في وصف إحدى يدي الله عَزَّ وجَلَّ بالشِّمال أو اليَسَار؛ فإننا لا نتعدى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلتاهما يَمِين)) والله أعلم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٣٣٠


(١) ((الأسماء والصفات)) (٢/ ١٤٣).
(٢) رواه أحمد (٦/ ٤٤١) (٢٧٥٢٨)، والبزار في ((البحر الزخار)) (١٠/ ٧٨)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (٣/ ٢٦١). قال البزار: إسناده حسن. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٧/ ١٨٨): رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٤٩): إسناده صحيح.
(٣) (٢٤٧).
(٤) (ص٢٩١)

<<  <  ج: ص:  >  >>