للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن عبد الله بن مسعود قال: ((جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! أو يا أبا القاسم! إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والجبال والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً مما قال الحبر، تصديقاً له، ثم قرأ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزُّمر: ٦٧])) (١).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض)) (٢).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون)) (٣).

فهل يجيبه أحد من طغاة الأرض وفراعنتها، كلا بل الجميع خاشعون صامتون وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا [طه: ١٠٨].

ومن الرحمة للخلق أن الله سبحانه هو الملك الوحيد يوم القيامة لأنه الذي يحاسب بالعدل ولا يظلم ولا يجور وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصِّلت: ٤٦]، وقال: وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا [الأنبياء: ٤٧] ...

وثالثها: قوله تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ لما أثبت لنفسه الملك أردفه بأن وصف نفسه بكونه رحماناً، يعني إن كان ثبوت الملك له في ذلك اليوم يدل على كمال القهر فكونه رحماناً يدل على زوال الخوف وحصول الرحمة.

ورابعها: قوله تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس مَلِكِ النَّاسِ فذكر أولاً كونه رباً للناس ثم أردفه بكونه ملكاً للناس.

وهذه الآيات دالة على أن الملك لا يحسن ولا يكمل إلا مع الإحسان والرحمة، فيما أيها الملوك اسمعوا هذه الآيات، وارحموا هؤلاء المساكين، ولا تطلبوا مرتبة زائدة في الملك على ملك الله تعالى اهـ (٤). النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود - بتصرف– ص: ٨٨


(١) رواه البخاري (٤٨١١)، ومسلم (٢٧٨٦).
(٢) رواه البخاري (٤٨١٢)، ومسلم (٢٧٨٧).
(٣) رواه البخاري (٧٤١٢)، ومسلم (٢٧٨٨).
(٤) ((التفسير الكبير)) للرازي (١/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>