للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى لإبليس عليه لعنة الله لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: ٨٥] وهو خبر عن المستقبل.

وقوله وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات: ١٧١ - ١٧٣].

وقوله تعالى أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ [الحج: ٧٠].

وقوله إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل: ٢٠] أي علم الله أنكم لن تستطيعوا القيام بما أمركم به من قيام الليل، لأنه سيكون منكم مرضى وآخرون يجاهدون في سبيل الله وآخرون مسافرون في الأرض يبتغون فضل الله في المكاسب فقوموا من الليل بما يتيسر.

وقوله تعالى فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: ٢٧].

وقوله سبحانه مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ [الحديد: ٢٢] أي: ما تقع من مصيبة في الأرض من قحط أو طوفان أو صاعقة وغير ذلك، وَلا فِي أَنفُسِكُمْ أي: من الأمراض والمصائب والبلاء، إلا كان ذلك مكتوباً في اللوح المحفوظ من قبل أن نخلق الخليقة، ونبرأ النسمة، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء)) (١).

٣) وقد خالف في ذلك القدرية – قبحهم الله – فقالوا إن الله لا يعلم الأمر قبل وقوعه وإنما يعلمه بعد وقوعه، وقد حدث القول بهذا في أواخر عصر الصحابة، فقد جاء عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلت: أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ... (٢).

ومعنى قول القدرية أن الأمر أنف أي مستأنف لم يسبق به قدر، ولا علم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه، أي أن الله أمر العباد ونهاهم وهو لا يعلم من يطيعه ممن يعصيه، ولا من يدخل الجنة ممن يدخل النار حتى فعلوا ذلك، فعلمه بعد ما فعلوه (٣).


(١) رواه مسلم (٢٦٥٣).
(٢) رواه مسلم (٨).
(٣) راجع إن شئت كتاب ((الإيمان)) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ص: ٣٦٤ - ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>