للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقرأ معي ما يقوله الخطابي رحمه الله عن علم الخلق. يقول: والآدميون – وإن كانوا يوصفون بالعلم – فإن ذلك ينصرف منهم إلى نوع من المعلومات، دون نوع، وقد يوجد ذلك منهم في حال دون حال، وقد تعترضهم الآفات فيخلف علمهم الجهل، ويعقب ذكرهم النسيان، وقد نجد الواحد منهم عالماً بالفقه غير عالم بالنحو، وعالماً بهما غير عالم بالحساب والطب ونحوهما من الأمور، وعلم الله سبحانه علم حقيقة وكمال، قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطَّلاق: ١٢]، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا [الجن: ٢٨] (١).

٨) اختص الله نفسه سبحانه بعلوم الغيب. قال سبحانه وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام: ٥٩] وقال قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ [النمل: ٦٥].

وذكر منها خمسة في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان: ٣٤].

قال الألوسي رحمه الله: وما في الإخبار يحمل على بيان البعض المهم لا على دعوى الحصر، إذ لا شبهة في أن ما عدا الخمس من المغيبات لا يعلمه إلا الله تعالى (٢).

فعلم الغيب لا شك أنه أعظم وأوسع من أن يحصر في هذا الخمس فقط.

ومن زعم أن أحداً يعلم الغيب غير الله سبحانه فقد كفر بالآيات السابقة.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ومن زعم أنه (تعني النبي صلى الله عليه وسلم) يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ [النمل:٦٥]. النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: ٢٠٣


(١) ((شأن الدعاء)) (ص: ٥٧).
(٢) ((روح المعاني)) (٧/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>