للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله تعالى وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: ١٣٥]، تحذير من معصيته، وهي عدم إقامة الشهادة بالحق وعبر عنه بقوله وإن تلووا أو كتمان الشهادة مع الحاجة إليها وعبر عنه بقوله أو تعرضوا، ثم جاء التحذير وهو قوله فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا أي فإن الله خبير بما تعملون، من عدم إقامتكم الشهادة وتحريفكم لها، وإعراضكم عنها بكتمانها، ويحفظ ذلك منكم عليكم حتى يجازيكم به يوم الجزاء، فاتقوا ربكم في ذلك.

٤ - إن الله سبحانه خبير، قد أحاط بكل شيء خبراً يخبر بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون.

فقد أخبر عن خلقه للسماوات والأرض في ستة أيام، واستواءه على عرشه فقال الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا [الفرقان: ٥٩].

وأخبر عن نفسه سبحانه أنه يعلم مفاتح الغيب الخمسة التي لا يعلمها إلا هو، فقال إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان: ٣٤].

وهذه الخمسة كلها غيبية مستقبلية.

وأخبر عما سيقع في يوم القيامة من الأهوال الكونية من انشقاق السماء وانفطارها، وارتجاف الأرض وزلزالها، ونسف الجبال وسيرها وتسجير البحار وانفجارها، وغير ذلك من الأهوال المنتظرة التي لم تقع.

وأخبر عن حال أهل الإيمان وما هم فيه من الاطمئنان والأمان من تلك الأهوال، ثم عن دخولهم الجنان بسلام.

وأخبر عن حال أهل الكفران، وما هم فيه عند قيامهم من تخبط الشيطان، لاتخاذهم إياه ولياً – في الدنيا – من دون الرحمن، واتباعهم لخطواته وتركهم لكلام الكريم المنان.

والله خبير بالطائفتين في ذلك اليوم المشهود، قال تعالى أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ [العاديات: ٩ - ١١].

ولا يخبر بهذه الأمور كلها إلا الله وحده العليم الخبير، كما قال سبحانه وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر: ١٤] أي: لا ينبئك أحد مثلي لأني عالم بالأشياء (١). النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: ٢٥٢


(١) ((تفسير البغوي)) (٥/ ٣٠٠)، وانظر: ((تفسير ابن كثير)) (٣/ ٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>