للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل شيء كان نظيراً لشيء وشبيها فهو له ند (١).

٢ - قال ابن مسعود: (الأنداد: الأكفاء من الرجال تطيعونهم في معصية الله) (٢)، كما قال جل ثناؤه: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا [التوبة: ٣١].

وقال الطبري: قال عدي بن حاتم: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي، اطرح هذا الوثن من عنقك. فطرحته وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة براءة، فقرأ هذه الآية: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ. قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟. قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم)) (٣). ففي هذا القول أيضاً: إثبات كون الشرك هو اتخاذ الند، فإن من أثبت حق التشريع والتحليل والتحريم لغيره – سبحانه – فقد أثبت له الند.

٣ - قال عكرمة: فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً (أي تقولوا: لولا كلبنا لدخل علينا اللص الدار، لولا كلبنا صاح في الدار، ونحو ذلك (٤)، فنهاهم الله تعالى أن يشركوا به شيئا، وأن يعبدوا غيره، أو يتخذوا له ندا وعدلا في الطاعة، فقال: كما لا شريك لي في خلقكم وفي رزقكم الذي أرزقكم، وملكي إياكم، ونعمتي عليكم، فكذلك فأفردوا لي الطاعة، وأخلصوا لي العبادة، ولا تجعلوا لي شريكاً ونداً من خلقي، فإنكم تعلمون: أن كل نعمة عليكم مني (٥)).

٤ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (الأنداد: الآلهة التي جعلوها معه، وجعلوا لها مثل ما جعلوا له) (٦). فمعنى الأنداد على هذا المعنى هي الآلهة، والآلهة عند الكفار بمعنى الشفعاء لهم عند الله، وقد سماهم الله – عز وجل – شركاء، فقال – في الرد على اتخاذهم آلهة -: وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء.

٥ - قال مجاهد: (الأنداد: العدلاء) (٧).

والعدلاء هنا أيضاً بمعنى الشركاء لله في عبادته، قال الله تعالى: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ [الأنعام:١] أي يشركون (٨)، ويقال: من مساواة الشيء بالشيء: عدلت هذا بهذا، إذا ساويته به عدلاً.

قال الطبري: (يجعلون شريكاً في عبادتهم إياه، فيعبدون معه الآلهة والأنداد والأصنام والأوثان، وليس منها شيء شاركه في خلق شيء من ذلك، ولا في إنعامه عليهم بما أنعم عليهم، بل هو المنفرد بذلك كله وهم يشركون في عبادتهم إياه غيره) (٩).

٦ - قال الطبري: (الأنداد جمع ند، والند: العدل، والمثل).


(١) انظر ما نقله ((الطبري في تفسيره)) (١/ ١٢٧).
(٢) الطبري: ((جامع البيان)) (١/ ١٢٧).
(٣) رواه الترمذي (٣٠٩٥) والطبري في ((تفسيره)) (١٤/ ٢١٠)، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (ص: ١٧٨٤) والطبراني في ((المعجم الكبير)) (١٧/ ٩٢) (٢١٨) والبيهقي (١٠/ ١١٦)، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. وقال الذهبي في ((المهذب)) (٨/ ٤١٠٨): فيه غطيف ضعفه الدارقطني. وقال ابن عثيمين في ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (١٠/ ٧٣٦): إسناده ضعيف. وحسنه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ٦٧) والألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٣٢٩٣).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٣٦٩).
(٥) الطبري: ((جامع البيان)) (١/ ١٢٧).
(٦) انظر ما ذكره ((الطبري في تفسيره)) (١/ ١٢٧).
(٧) انظر ما ذكره ((الطبري في تفسيره)) (١/ ١٢٧).
(٨) انظر ما ذكره ((الطبري في تفسيره)) (٧/ ٩٢، ٩٣).
(٩) ((تفسير الطبري)) (١١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>