للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن صلى, أو سجد, أو ركع, أو انحنى لمخلوق محبة وخضوعاً له وتقرباً إليه (١)، فقد وقع في الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم (٢)، قال الله تعالى: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت: ٣٧]، وقال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما سجد له: ((لا تفعل، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)) (٣).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد)) (٤)، ولأنه قد صرف شيئاً من العبادة لغير الله عز وجل.

وصرف العبادة لغيره شرك بإجماع أهل العلم (٥).

والشرك في الذبح:

الذبح في أصله ينقسم إلى أربعة أقسام:

١ - ذبح الحيوان المأكول اللحم تقرباً إلى الله تعالى وتعظيماً له، كالأضحية، وهدي التمتع والقران في الحج، والذبح للتصدق باللحم على الفقراء ونحو ذلك، فهذا مشروع، وهو عبادة من العبادات.

٢ - ذبح الحيوان المأكول لضيف، أو من أجل وليمة عرس ونحو ذلك، فهذا مأمور به إما وجوباً وإما استحباباً.

٣ - ذبح الحيوان الذي يؤكل لحمه من أجل الاتجار ببيع لحمه، أو لأكله، أو فرحاً عند سكنى بيت ونحو ذلك، فهذا الأصل أنه مباح، وقد يكون مطلوباً فعله، أو منهياً عنه حسبما يكون وسيلة إليه.


(١) ينظر: ((زاد المعاد)): الطب: حلق الرأس (٤/ ١٥٨ - ١٦٠).
(٢) حكى هذا الإجماع في السجود القاضي عياض المالكي في آخر كتاب: ((الشفاء)) (٢/ ٥٢١، ٥٢٨)، والحافظ ابن عبد الهادي في ((الصارم المنكي)) (ص: ٢١٥)، وذكره ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي في كتابه ((الإعلام بقواطع الإسلام)) (ص: ٢٠) نقلاً عن كتاب ((المواقف وشرحه))، وينظر ((التمهيد)) (٥/ ٤٥)، و ((الاستغاثة)) (١/ ٣٥٦، و٢/ ٦٢٩)، و ((مجموع الفتاوى)) (٢٧/ ٩٢)، و ((الجواب الكافي)) (ص: ١٩٦، ١٩٩)، و ((سيف الله)) لصنع الله الحنفي (ص: ٦٩)، و ((الدين الخالص)) (١/ ٩٤)، و ((رسالة التوحيد)) للدهلوي (ص: ٥٣، ٥٤)، وينظر أيضاً رسالة ((النواقض العملية)) ففيها نقول كثيرة عن كثير من العلماء من جميع المذاهب في أن الصلاة والسجود والركوع والانحناء تقرباً إلى المخلوق شرك أكبر مخرج من الملة. وذكر البركوي الحنفي في ((إيقاظ النائمين)) (ص: ٧٩) أن الصلاة لغير الله حرام بالاتفاق.
(٣) رواه ابن ماجه (١٨٥٣)، وابن حبان (١٢٩٠) والبيهقي (٧/ ٢٩٢). قال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (٦/ ٣٦٠): إسناده صالح وله ما يشهد له فيتقوى به. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): حسن صحيح. قال الشوكاني: (أخرج قصة معاذ المذكورة في الباب البزار بإسناد رجاله رجال الصحيح. وأخرجها أيضاً البزار والطبراني بإسناد آخر رجاله ثقات، وقصة السجود ثابتة من حديث ابن عباس عند البزار ومن حديث سارقة عند الطبراني، ومن حديث عائشة عند أحمد وابن ماجه، ومن حديث عصمة عند الطبراني وغير هؤلاء)، ((نيل الأوطار)) (٦/ ٢٣٤).
(٤) رواه ابن حبان في ((صحيحه)) (٩/ ٤٧٠) (٤١٦٢)، وحسن إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (٧/ ٥٤).
(٥) ينظر: ((تيسير العزيز الحميد)) (باب من الشرك أن يستغيث بغير الله) (ص: ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>