للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعي رحمه الله تعالى: في وصيته: القرآن كلام الله غير مخلوق. وقال عفان بن مسلم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ [الفتح:١٥] الله لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّوم [البقرة:٢٥٥] قُلْ هُوَ الله أَحُد [الإخلاص:١] أمخلوق هذا؟ أدركت شعبة وحماد بن سلمة وأصحاب الحسن يقولون: القرآن كلام الله ليس مخلوقا (١) وقال يحيى بن يحيى: من زعم أن من القرآن من أوله إلى آخره آية مخلوقة فهو كافر. وقال هشام بن عبيد الله القرآن كلام الله غير مخلوق؛ فقال له رجل أليس الله تعالى: يقول: مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ [الأنبياء:٢] فقال: محدث إلينا وليس عند الله محدث. وقال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي رحمه الله تعالى: ليس بين أهل العلم خلاف أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق فكيف يكون شيء خرج من الرب عز وجل مخلوقا؟ (٢) وقال أبو جعفر النفيلي: من قال: إن القرآن مخلوق؛ فهو كافر. فقيل: يا أبا جعفر الكفر كفران كفر النعمة وكفر بالرب عز وجل؟ قال: لا بل كفر بالرب عز وجل ما تقول فيمن يقول: الله أَحَد الله الصَّمَد [الإخلاص:١] مخلوق أليس كافر هو؟ (٣) وقال عبدالله بن محمد العيشي: يستحيل في صفة الحكيم أن يخلق كلاما يدعي الربوبية يعني: قوله تعالى: إِنَّنِي أَنَا الله [طه:١٤] وقوله: أَنَا رَبُّك [طه:١٢] (٤). قلت: والمعتزلة يقولون إن كلام الله لموسى خلقه في الشجرة فعلى هذا تكون الشجرة هي القائلة: إِنَّنِي أَنَا الله لاَ إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:١٤] قبحهم الله في الدنيا والآخرة. وقال محمد بن يحيى الذهلي: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع صفاته وحيث تصرف (٥) وأما كلام البخاري رحمه الله تعالى ومتانته في هذه المسألة فأشهر من أن يحتاج إلى تعريف وله في ذلك كتاب (خلق أفعال العباد) وقد بوّب في (صحيحه) على جملة وافية تدل على غزارة علمه وجلالة شأنه. وقال أبو حاتم وأبو زرعة: أدركنا العلماء في جميع الأمصار فكان من مذهبهم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأن الله تعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله بلا كيف أحاط بكل شيء علماً ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (٦) وقال محمد بن أسلم الطوسي: القرآن كلام الله غير مخلوق أينما تلي وحيثما كتب لا يتغير ولا يتحول ولا يتبدل (٧).


(١) أورده الذهبي في ((العلو)) (ص١٦٦ - ١٦٧). وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص٧٥): سنده قوي.
(٢) أورده الذهبي في ((العلو)) (ص١٧٩). وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص٧٥): صحيح.
(٣) أورده الذهبي في ((العلو)) (ص١٨١). وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص٧٥): صحيح.
(٤) أورده الذهبي في ((العلو)) (ص١٨١).
(٥) رواه الذهبي في ((العلو)) (ص١٨٦).
(٦) رواه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (١/ ١٧٦ - ١٧٧)، وأورد شطره الثاني الذهبي في ((العلو)) (ص١٨٦). وقال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص٧٥): صحيح.
(٧) رواه الذهبي في ((العلو)) (ص١٨٦). قال الألباني في ((مختصر العلو)) (ص٧٥): إسناده لا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>