للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مسند أحمد وسنن الترمذي عن الرسول، صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إنّ الله – تعالى – خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثمّ جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثمّ جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيركم بيتاً، وخيركم نفساً)) (١).

وفي صحيح مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)) (٢).

- أحرار بعيدون عن الرق:

ومن صفات الكمال أنّ الأنبياء لا يكونون أرقاء. يقول السفاريني في هذا: (الرق وصف نقص لا يليق بمقام النبوة، والنبي يكون داعياً للناس آناء الليل وأطراف النهار، والرقيق لا يتيسر له ذلك، وأيضاً الرقّيَّة وصف نقص يأنف الناس ويستنكفون من اتباع من اتصف بها، وأن يكون إماماً لهم وقدوة، وهي أثر الكفر، والأنبياء منزهون عن ذلك) (٣).

- التفرد في المواهب والقدرات:

الأنبياء أُعطوا العقول الراجحة، والذكاء الفذ، واللسان المبين، والبديهة الحاضرة، وغير ذلك من المواهب والقدرات التي لا بدّ منها لتحمل الرسالة ثم إبلاغها ومتابعة الذين تقبلوها بالتوجيه والتربية.

لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحفظ ما يُلقى إليه ولا ينسى منه كلمة سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى [الأعلى: ٦].

وقد كانوا يعرضون دين الله للمعارضين ويفحمونهم في معرض الحجاج، وفي هذا المجال أسكت إبراهيم خصمه فَبُهِتَ الّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ [البقرة: ٢٥٨]، وقال الله معقباً على محاججة إبراهيم لقومه: وَتِلْكَ حُجّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَىَ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مّن نّشَآءُ [الأنعام: ٨٣].

وموسى كان يجيب فرعون على البديهة حتى انقطع، فانتقل إلى التهديد بالقوة قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مّوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ الأوّلِينَ قَالَ إِنّ رَسُولَكُمُ الّذِيَ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ قَالَ لَئِنِ اتّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لأجْعَلَنّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [الشعراء: ٢٣ - ٢٩].

- الكمال في تحقيق العبودية:


(١) رواه الترمذي (٣٦٠٨)، وأحمد (١/ ٢١٠) (١٧٨٨). من حديث المطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (١٤٧٢).
(٢) رواه مسلم (٢٢٧٦).
(٣) ((لوامع الأنوار البهية)) (٢/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>