للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال لأمته: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: مَنْ يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأمته. فتشهدون أنَّه قد بلَّغ، ويكون الرسولُ عليكم شهيداً، فذلك قوله جل ذكره وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:١٤٣])). والوسط: العدل (١). ورواه أحمدٌ وأصحاب (السنن). ورواه الإمام أحمد أيضاً بلفظ ((يجيء النبيُّ يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرَّجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلَّغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلَّغت قومك؟ فيقول: نعم. فيقال: مَنْ يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيقال لهم: هل بلَّغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيقال: وما عِلْمُكم؟ فيقولون جاءنا نبينا صلى الله عليه وسلم فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا. فذلك قوله عز وجل وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا قال عدلاً: لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:١٤٣] (٢))). وفي (الصحيحين) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليَّ. فقلتُ: يا رسولَ الله أقرأ عليك وعليك أُنزِل؟ قال: نعم، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أسمعه من غيري. فقرأتُ سورةَ النِّساء حتى أتيت هذه الآية فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا [النساء:٤١] فقال: حَسْبُك الآن. فإذا عيناه تذرفان)) (٣). قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ أي: كتاب الأعمال الذي فيه الجليل والحقير والفتيل والقطمير والصغير والكبير فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ [الكهف:٤٩] أي: من أعمالهم السيئة وأفعالهم القبيحة وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا أي: يا حسرتنا وويلنا على ما فرطنا في أعمالنا، مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا [الكهف:٤٩] أي: لا يترك ذنباً صغيراً ولا كبيراً ولا عملاً وإن صغر إلا أحصاها أي ضبطها وحفظها. وروى البغوي بإسناده عن سهل بن سعد قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِيَّاكُم ومُحقِّرات الذُّنوب، فإِنَّما مثل محقِّرات الذنوب مثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء هذا بعودٍ وجاء هذا بعودٍ وجاء هذا بعودٍ فأنضجوا خبزتهم، وإِنَّ محقِّرات الذنوب لموبقات)) (٤).


(١) رواه البخاري (٤٤٨٧).
(٢) رواه ابن ماجه (٤٢٨٤)، وأحمد (٣/ ٥٨) (١١٥٧٥) واللفظ له. قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٢٤٤٨)، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لـ ((مسند أحمد)): وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(٣) رواه البخاري (٥٠٥٠)، ومسلم (٨٠٠).
(٤) رواه البغوي في ((تفسيره)) (٥/ ١٧٧). والحديث رواه أحمد (٥/ ٣٣١) (٢٢٨٦٠)، والطبراني (٦/ ١٦٥) بلفظ: (متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) بدلاً من (لموبقات). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ١٩٠): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الثلاثة من طريقين ورجال إحداهما رجال (الصحيح) غير عبد الوهاب بن عبد الحكم وهو ثقة. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٣٨٩): وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو عند أحمد ثلاثي.

<<  <  ج: ص:  >  >>