للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا [الكهف:٤٩] كقوله عز وجل يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ [آل عمران:٣٠]، وقوله عز وجل عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ [التكوير:١٤]، وقوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ [الانفطار:٥]، وقوله تعالى: يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ [القيامة:١٣] وغيرها من الآيات. وقوله تعالى: وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا [القصص:٧٥] قال البغوي: يعني رسولهم الذي أرسل إليهم وهو قول مجاهد، وروى ابن جرير عن عثمان بن عفان أنه خطب فقرأ هذه الآية وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:٢١] فقال: سائق يسوقُها إلى اللهِ تعالى: وشاهِدٌ يشهد عليها بما عملت، وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد (١). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: السائِقُ الملك والشهيد العمل (٢) وكذا قال الضحاك والسدّي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: السائق من الملائكة والشهيد الإنسان نفسه يشهد على نفسه (٣). وقوله تعالى: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ أضاءت بِنُورِ رَبِّهَا بنور خالقها، ذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه، فما يتضارون في نوره كما لا يتضارون في الشمس في اليوم الصحو، قاله البغوي (٤). والحديث ((لا يتضارون في رؤيته)) (٥). وَوُضِعَ الْكِتَابُ قال قتادة: كتاب الأعمال. وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يشهدون على الأمم أنهم بلغوهم رسالات الله إليهم) (٦). وَالشُّهَدَاءِ أي من الملائكة الحفظة على أعمال العباد قال ذلك عطاء، ويدل عليه قوله تعالى: وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:٢١] قال ابن عباس: ((يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم)) (٧). ويدل على ذلك قوله تعالى: لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ [البقرة:١٤٣] وقال مجاهد في قوله تعالى: وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:٥١] يعني: الملائكة، قال البغوي: يشهدون للرُّسلِ بالتبليغ وعلى الكفار بالتَّكْذيب. (وشهدت) على كل جاحد (الأعضاء) أعضاؤه (والجوارح) عطف تفسير، قال تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:٦٥] الآيات، وقال تعالى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ [فصلت:١٩ – ٢٣] الآيات وغيرها.


(١) انظر: ((تفسير الطبري)) (٢٢/ ٣٤٨).
(٢) انظر: ((تفسير ابن أبي حاتم)) (١٠/ ٣٣٠٨).
(٣) انظر: ((تفسير الطبري)) (٢٢/ ٣٤٨).
(٤) انظر: ((تفسير البغوي)) (٧/ ١٣٢).
(٥) رواه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (٢٩٦٨). بلفظ: (لا تضارون في رؤية ربكم). من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما.
(٦) انظر: ((تفسير البغوي)) (٨/ ٣٩)، و ((تفسير ابن كثير)) (٧/ ١١٨).
(٧) انظر: ((تفسير البغوي)) (٧/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>