للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى مسلم والنسائي وابن أبي حاتم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كُنَّا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون مِمَّ أضحك؟ قلنا: اللهُ ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وسلم: مِنْ مجادلة العبد ربَّه يوم القيامة، يقول: ربِّ ألم تُجرني من الظلم؟ فيقول: بلى. فيقول: لا أجيزُ على نفسي إلاّ شاهداً مني. فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً، وبالكرام الكتاب شهوداً، فيختم على فيه ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بعمله، ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعداً وسحقاً فعنكنَّ كنت أناضِلُ)) (١). وروى عبدالرزاق أخبرنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّكم تدعون مفدماً على أفواهكم بالفدام، فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه)) ورواه النسائي عن محمد بن رافع عن عبدالرزاق به. (٢) وله هو ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة الطويل قال فيه: ((ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول ههنا إذا, قال ثم يقال له الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه)) (٣).وهذا والله أعلم يتضمن بيان قول الله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ [المجادلة:١٨] الآية، وروى ابن جرير وابنُ أبي حاتم وأحمد رحمهم الله تعالى: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((إنَّ أوَّل عظم من الإنسان يتكلم يوم يُختم على الأفواهِ فخذه من الرجل اليسرى)) وفي رواية أحمد: ((مِنَ الرَّجْل الشمال)) (٤). وروى ابن جرير عن حميد بن هلال قال: قال أبو بردة قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: (يُدعى المؤمنُ للحساب يوم القيامة فيعرض عليه ربُّه عمله فيما بينه وبينه فيعترفُ فيقول: نعم. أي ربِّ عملت عملت عملت قال فيغفر الله له ذنوبه ويستره منها قال: فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئاً، وتبدو حسناته فودَّ أن الناس كلهم يرونها. ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرضُ عليه ربُّه عمله فيجحد ويقول: أي رب وعزتك لقد كتب عليَّ هذا الملكُ ما لم أعمل. فيقولُ له الملك: أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا؟ فيقول: لا وعزتك أي رب ما عملتُهُ. فإذا فعل ذلك ختم الله تعالى: على فيه.


(١) رواه مسلم (٢٩٦٩)، وابن أبي حاتم (١٠/ ٨١).
(٢) رواه عبدالرزاق في المصنف (١١/ ١٣٠)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٦/ ٤٥١).
(٣) رواه مسلم (٢٩٦٨).
(٤) رواه أحمد (٤/ ١٥١) (١٧٤١٢)، والطبري في ((تفسيره)) (٢٠/ ٥٤٥)، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (١٠/ ٣١٩٨). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٥١): رواه أحمد والطبراني وإسنادهما جيد. قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) بعد حديث (٢٧١٣): أخرجه أحمد ... وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، فهو صحيح لولا شيخ الحضرمي، فإنه لم يسم. وعلّق على كلام الهيثمي قائلاً: فهو غير جيد. ثم قال على إسناد الطبري: فهذا إسناد صحيح إن كان شريح سمعه من عقبة، فقد اختلفوا في سماعه من أحد من الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>