للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر ابن عبد الهادي علة أخرى لضعف الحديث؛ وهو أنه ضعيف الإسناد، لأنه تفرد به شيخ لم يعرف بنقل العلم، ولم يشتهر بحمله، ولم يعرف من حاله ما يوجب قبول خبره، وهو مسلمة بن سالم الجهني الذي لم يشتهر إلا برواية هذا الحديث المنكر) (١).

ويقول فيه ابن حجر (٢): (مسلم بن سالم الجهني بصري، كان يكون بمكة، ضعيف، ويقال فيه: مسلمة بزيادة هاء).

وأما الحديث السادس وهو: ((من زار قبري حلت له شفاعتي))، فقد أخرجه البزار في مسنده (٣)، وقد عزاه عبد الحق إلى الدارقطني أيضاً فيما يذكر السبكي (٤)، وفيه راويان ضعيفان، تكلم فيهما العلماء بالتجريح، وهما عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

ويقول ابن عبد الهادي في رده على السبكي: (واعلم أن هذا الحديث الذي ذكره من رواية البزار، حديث ضعيف منكر ساقط الإسناد، لا يجوز الاحتجاج بمثله عند أحد من أئمة الحديث وحفاظ الأثر ... وأما عبد الله بن إبراهيم، فهو ابن أبي عمرو الغفاري، أبو محمد المدني يقال: إنه من ولد أبي ذر الغفاري، وهو شيخ ضعيف الحديث جداً منكر الحديث، وقد نسبه بعض الأئمة إلى الكذب ووضع الحديث).

ثم ذكر ما قاله العلماء في تجريحه إلى أن قال: (وأما عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ فضعيف غير محتج به عند أهل الحديث).

ثم ذكر كذلك ما قاله العلماء في تجريحه من أوصاف ترد روايته (٥).

وأما الحديث السابع وهو: ((من زارني متعمداً)) إلخ الحديث. فقد أخرجه أبو جعفر العقيلي كما ذكر السبكي (٦).

يقول ابن عبد الهادي: (إن هذا الحديث ضعيف مضطرب مجهول الإسناد، من أوهى المراسيل وأضعفها) (٧).

وأما الحديث الأخير وهو الثامن: ((من أتى المدينة زائراً .. )) إلخ الحديث. فإن السبكي (٨) عزاه إلى يحيى الحسيني في أخبار المدينة، ثم ساق الحديث دون أن يبين السبكي درجة الحديث عنده ولا الرجل المبهم في السند.

قال ابن عبد الهادي عن هذا الحديث: (حديث باطل لا أصل له، وخبر معضل لا يعتمد على مثله، وهو من أضعف المراسيل وأوهى المنقطعات، ولو فرض أنه من الأحاديث الثابتة؛ لم يكن فيه دليل على محل النزاع) (٩).

وبعرض ما تقدم: يتضح أنه لم يثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في استحقاق الشفاعة لزائر قبره الشريف صلى الله عليه وسلم.

٢ - الشفاعة للأقرب فالأقرب منه صلى الله عليه وسلم:

ورد في ذلك حديث ضعيف يدل على ترتيب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يبتدئ بالأقرب فالذي يليه، إلى أن ينتهي بالعجم، وهذا ما يفيده حديث ابن عمر الذي أخرجه الطبراني والدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي, ثم الأقرب فالأقرب, ثم الأنصار, ثم من آمن بي من أهل اليمن, ثم سائر العرب, ثم سائر الأعاجم, ومن أشفع له أولاً أفضل)) (١٠).


(١) ((الصارم المنكى)) (٣٨).
(٢) ((تقريب التهذيب)) (٢/ ٢٤٥).
(٣) رواه البزار كما في ((مجمع الزوائد)) (٤/ ٥) للهيثمي.
(٤) ((شفاء السقام)) (١٤).
(٥) ((الصارم المنكى)) (ص: ٣٠).
(٦) ((شفاء السقام)) (ص: ٣١).
(٧) ((الصارم المنكى)) (ص: ٩٢).
(٨) ((الصارم المنكى)) (ص: ٤٠).
(٩) ((الصارم المنكى)) (ص: ١٧١).
(١٠) أخرجه الطبراني (١٢/ ٤٢١) (١٣٥٥٠)، والدارقطني في ((أوهام الجمع والتفريق)) (٢/ ٤٨). وقال: غريب من حديث ليث عن مجاهد تفرد به حفص بن أبي داود عنه، وقال الذهبي في ((ترتيب الموضوعات)) (٣١١): رواه حفص بن أبي داود متروك، وقال الهيثمى في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٨٣): فيه من لم أعرفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>