للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الدارقطني بعد أن أخرجه: (تفرد به حفص عن ليث، وقد ضعف الحديث بسبب هذين الراويين؛ لأن ليثاً ضعيف، وحفص كذاب وهو المتهم به كما يذكر السيوطي (١)، فالحديث من رواية كذاب عن ضعيف.

ويقول ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات) في باب ذكر الشفاعة بعد أن أخرج الحديث قوله: (قال المصنف: قلت: أما ليث فغاية في الضعف عندهم، إلا أن المتهم هذا حفص. قال أحمد ومسلم والنسائي: هو متروك) (٢).

ويقول ابن حجر: (ليث بن أبي سليم بن زنيم – بالزاي والنون مصغراً – واسم أبيه أيمن. وقيل غير ذلك، صدوق اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه فترك) (٣).

ويقول عن حفص: (حفص بن أبي داود القارئ، صاحب عاصم، ويقال له: حفيص، متروك الحديث مع إمامته في القراءة) (٤).

وبهذا نعلم أن تلك الرواية ضعيفة وغير مقبولة، وأن الوارد والثابت من أحاديث الشفاعة أنه يشفع لكل مؤمن عندما يأذن له الله بالشفاعة فيه دون نظر إلى جنسه أو نسبه.

٣ - ومن الشفاعات غير الثابتة أيضاً: القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خص بشفاعته أهل مدن بعينها؛ كمكة والمدينة والطائف وغيرها من المدن:

فإن هذا لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه حدد الشفاعة لأهل مدن معينة، أو ذكر أهل بلدان يخصهم بالشفاعة، غير ما ورد عن أهل المدينة فيمن فضلها على غيرها, وسكن بها صابراً على لأوائها وشدتها، ومات بها.

أما الحديث الذي يروى هنا في شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل مدن بعينها؛ فهو عن عبد الملك بن عباد بن جعفر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول من أشفع له من أمتي أهل المدينة، وأهل مكة، وأهل الطائف)) (٥)، وهذا الحديث في إسناده مجاهيل، كما قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٦).

٤ - ومن الشفاعات التي لم تثبت كذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما ذكر من شفاعته عليه الصلاة والسلام لأكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر: كما جاء عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني أشفع يوم القيامة لأكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر)) (٧).

قال السفاريني: وأخرجه الطبراني في ((الأوسط)) عن أنيس الأنصاري، ولفظه: ((أكثر مما على وجه الأرض من شجر ومدر)) (٨) (٩).


(١) ((اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)) (٢/ ٤٥٠).
(٢) ((الموضوعات لابن الجوزي)) (٣/ ٢٥٠).
(٣) ((تقريب التهذيب)) (٢/ ١٣٨).
(٤) ((تقريب التهذيب)) (١/ ١٨٦).
(٥) رواه الطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٨٤) وقال: فيه جماعة لم أعرفهم.
(٦) ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٨٤) وقال: فيه جماعة لم أعرفهم.
(٧) رواه بنحوه أحمد (٥/ ٣٤٧) (٢٢٩٩٣)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (١٢/ ٣٢٩)، والديلمي (١/ ٦٠) (١٧١). قال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (٥/ ٢٨٨): إسناده حسن.
(٨) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٥/ ٢٩٥) (٥٣٦٠)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) من طريق الطبراني (١/ ٢٥٠) (٨٥٧). قال الهيثمي (١٠/ ٣٨٢): فيه أحمد بن عمرو صاحب علي بن المديني ويعرف بالقلوري ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم.
(٩) ((لوامع الأنوار البهية)) (ص: ٢٠٥)، ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (٤/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>