للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقوال السلف الصالح في هذه المسألة متفقة على أن الإيمان قول وعمل، وسنذكر بعض أقوالهم على النحو التالي: يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. (١)

وعقد الإمام الآجري رحمه الله باباً في كتابه (الشريعة) قائلاً: باب القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، ولا يكون مؤمناً إلا أن يجتمع فيه هذه الخصال الثلاث (٢).

وقال الإمام ابن بطة رحمه الله في تعريف الإيمان: معناه التصديق بما قاله، وأمر به وافترضه، ونهى عنه من كل ما جاءت به الرسل من عنده، ونزلت فيه الكتب، وبذلك أرسل المرسلين، فقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: ٢٥] والتصديق بذلك قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان. (٣) ... تنوعت عبارات السلف الصالح في تعريف الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة وكل هذا صحيح، فليس بين هذا العبارات اختلاف معنوي، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قائلاً: إذا قالوا: قول وعمل فإنه يدخل في القول قول القلب واللسان جميعاً، وهذا هو المفهوم من لفظ القول والكلام، ونحو ذلك إذا أطلق فإن القول المطلق، والعمل المطلق في كلام السلف يتناول قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فقول باللسان بدون اعتقاد القلب هو قول المنافقين، وهذا لا يسمى قولاً إلا بالتقييد (كقوله تعالى يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح: ١١] وكذلك عمل الجوارح بدون أعمال القلوب، هي من أعمال المنافقين، التي لا يتقبلها الله، فقول السلف يتضمن القول والعمل الباطن والظاهر.


(١) انظر: ((السنة)) للإمام عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٧)، وله عدة روايات في تعريف الإيمان.
(٢) ((الشريعة)) للإمام الآجري (ص١١٩).
(٣) ((الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة)) (ص١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>