للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال: قول وعمل ونية، قال: القول يتناول الاعتقاد (قول القلب)، وقول اللسان، وأما العمل فقد لا يفهم منه النية (عمل القلب)، فزاد ذلك (١).

خلاصة ما سبق من حقيقة الإيمان الشرعي أنها (مركبة من قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان، وهو التكلم بكلمة الإسلام.

والعمل قسمان: عمل القلب: وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح. فإذا زالت هذه الأربعة، زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء، فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة، وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول، بل ويقرون به سراً وجهراً، ويقولون: ليس بكاذب، ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به) (٢). نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبد الله بن علي الوهيبي – ١/ ٣١

أجمع السلف ... (أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ومعنى ذلك أنه قول القلب، وعمل القلب، ثم قول اللسان، وعمل الجوارح) (٣).

فقول القلب هو: الـ (تصديق بالقلب، وإقراره، ومعرفته) (٤).

ويراد به: (التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويدخل فيه الإيمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم) (٥).

(وهذا أصل القول) (٦).

وأما عمل القلب فـ (هو حب الله ورسوله، وتعظيم الله ورسوله، وتعزير الرسول وتوقيره، وخشية الله والإنابة إليه، والإخلاص له، والتوكل عليه، إلى غير ذلك من الأحوال، فهذه الأعمال القلبية كلها من الإيمان، وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد، إيجاب العلة المعلول) (٧).

(وهذا أصل العمل) (٨).

(والفرق بين أقوال القلب وأعماله؛ أن أقواله هي العقائد التي يعترف بها ويعتقدها، وأما أعمال القلب فهي حركته التي يحبها الله ورسوله، وهي محبة الخير وإرادته الجازمة، وكراهية الشر والعزم على تركه) (٩).

وأما قول اللسان فهو (الإقرار بالله وبما جاء من عنده والشهادة لله بالتوحيد، ولرسوله بالرسالة، ولجميع الأنبياء والرسل، ثم التسبيح والتكبير، والتحميد، والتهليل، والثناء على الله، والصلاة على رسوله، والدعاء، وسائر الذكر) (١٠).

وأما عمل الجوارح فهو (أفعال سائر الجوارح من الطاعات والواجبات التي بني عليها الإسلام، أولها إتمام الطهارات كما أمر الله عز وجل، ثم الصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، والزكاة على ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، وترك الصلاة كفر، وكذلك جحود الصوم والزكاة والحج، والجهاد فرض على كفاية مع البر والفاجر، وسائر (الأعمال) التطوع التي يستحق بفعلها اسم زيادة الإيمان، والأفعال المنهي عنها التي بفعلها يستحق نقصان الإيمان) (١١).

فأعمال الجوارح تنشأ عن أعمال القلوب وهي أصله، وقول اللسان ينشأ عن قول القلب وهو أصله.

قال شيخ الإسلام: (فالإيمان لا بد فيه من هذين الأصلين:


(١) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ١٧١).
(٢) ((الصلاة وحكم تاركها)) لابن القيم (ص: ٥٤).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٦٧٢).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ١٨٦).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٦٧٢).
(٦) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٥٤٠).
(٧) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٦٧٢).
(٨) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٥٤٠).
(٩) ((شرح العقيدة الواسطية)) لصالح الفوزان (ص: ١٧٩).
(١٠) ((الإيمان)) لابن منده (١/ ٣٦٢).
(١١) ((الإيمان)) لابن منده (١/ ٣٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>