للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ما أحسن هذا، ما بهذا بأس. فقام إليه داود بن أبي زنبر وإبراهيم بن حبيب وأصحاب له فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عبدالله إن هذا يقول بالإرجاء، قال: ديني مثل دين جبريل وميكائيل والملائكة المقربين، قال: لا والله: الإيمان يزيد وينقص هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [الفتح: ٤]، وقال إبراهيم أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة: ٢٦٠] فطمأنينة قلبه زيادة في إيمانه) (١).

ثالثاً – رواية ابن نافع:

قال: كان مالك بن أنس يقول: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) (٢).

رابعاً – رواية معن بن عيسى:

أشار إليها ابن عبدالبر في (التمهيد) (٣) ونقلها عنه شيخ الإسلام (٤)، ولم أقف عليها مسندة.

خامساً – رواية أبي عثمان سعيد بن داود بن أبي زنبر الزنيري:

قال كان مالك يقول: (الإيمان قول وعمل يزيد وينقص) (٥).

سادساً – رواية سويد بن سعيد بن سهل الهروي:

قال: (سمعت مالك بن أنس وحماد بن زيد .. وجميع من حملت عنهم العلم يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .. ) (٦).

فالقول بأن الإيمان يزيد وينقص ثابت عنه رحمه الله من طرق متعددة، ولذا قال ابن عبدالبر في (التمهيد) بعد أن أشار إلى رواية ابن القاسم عنه في أن الإيمان يزيد مع التوقف في النقصان، قال: (وروى عنه عبدالرزاق، ومعمر بن عيسى، وابن نافع، وابن وهب أنه يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وعلى هذا مذهب الجماعة من أهل الحديث والحمد لله) (٧).

وقال القاضي عياض: (قال غير واحد: سمعت مالكا يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وبعضه أفضل من بعض) (٨).

وخلاصة الكلام في هذا الفصل أن مالكا رحمه الله كان يقول إن الإيمان يزيد ولا يقول ينقص متوقفاً في ذلك لا منكراً له، ثم بان له بعد ذلك وظهر من خلال تأمله للنصوص وإعادة النظر فيها أنه ينقص، مستدلاً على ذلك بنصوص القرآن المصرحة بالزيادة نفسها، إذ إن ما دل على الزيادة تصريحاً يدل على النقصان لزوماً.

قال ابن رشد: (وقد روي عن مالك رحمه الله أنه كان يطلق القول بزيادة الإيمان وكف عن إطلاق نقصانه، إذ لم ينص الله تعالى إلا على زيادته، فروي عنه أنه قال عند موته لابن نافع وقد سأله عن ذلك: قد أبرمتموني إني تدبرت هذا الأمر فما من شيء يزيد إلا وينقص، وهو الصحيح والله سبحانه وتعالى أعلم) (٩).


(١) رواه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (٥/ ٩٦٠) (١٧٤٣).
(٢) رواه عبدالله في ((السنة)) (١/ ٣١٧) (٦٣٦) والخلال في ((السنة)) (٣/ ٦٠٨) (١٠٨٢)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (٦/ ٣٢٧)، والآجري في ((الشريعة)) (ص: ١١٤) واللالكائي في ((اعتقاد أهل السنة)) (٥/ ٩٥٩) (١٧٤٢)، وابن عبدالبر في ((الانتقاء)) (ص: ٣٦).
(٣) (٩/ ٢٥٢) وتصحف فيه معن إلى معمر وهو خطأ.
(٤) ((الفتاوى)) (٧/ ٣٣١).
(٥) رواه الخلال في ((السنة)) (٣/ ٥٨٢) (١٠١٤).
(٦) رواه البيهقي (١٠/ ٢٠٦)، وفي ((الأسماء والصفات)) (١/ ٦٠٥) (٥٤٢).
(٧) ((التمهيد)) (٩/ ٢٥٢).
(٨) ((ترتيب المدارك)) (٢/ ٤٣).
(٩) ((المقدمات)) (١/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>