للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا قتيبة أخبرنا بشر بن المفضل عن الجريري عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة (١).

ومنها ما فيه التصريح بوجوب قتله كقوله تعالى: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ [التوبة: ٥] الآية وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)) (٢) الحديث وغير ذلك من الآيات والأحاديث.

وأما الآثار في شأنها عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم فأكثر من أن تحصر وقد أجمعوا على قتله كفرا إذا كان تركه للصلاة عن جحود لفرضيتها أو استكبار عنها وإن قال لا إله إلا الله لما تقدم من الآيات والأحاديث السابقة ولدخوله في التارك لدينه المفارق للجماعة وفي قوله صلى الله عليه وسلم ((من بدل دينه فاقتلوه)) (٣) فإنه بذلك يكون مرتدا مبدلا لدينه وأما إن كان تركه لها لا لجحود ولا استكبار بل لنوع تكاسل وتهاون كما هو حال كثير من الناس فقال النووي رحمه الله تعالى والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ولكنه يقتل بالسيف.

وذهب جماعة من السلف وهو مروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهي إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وبه قال عبد الله بن مبارك وإسحاق بن راهويه وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي رضوان الله عليه وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهم الله تعالى إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي قال رحمه الله تعالى: واحتج من قال بكفره بظاهر حديث جابر ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) (٤) وبالقياس على كلمة التوحيد.


(١) رواه الترمذي (٢٦٢٢). قال النووي في ((الخلاصة)) (١/ ٢٤٥) والعراقي في ((طرح التثريب)) (٢/ ١٤٦)، والسخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (٢/ ٨١٩) والألباني في ((مشكاة المصابيح)) (٥٥١): إسناده صحيح.
(٢) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٣) رواه البخاري (٦٩٢٢). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) رواه مسلم (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>