للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج من قال لا يقتل بحديث ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث)) (١) وليس فيه الصلاة واحتج الجمهور على أنه لا يكفر بقوله تعالى: إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء [النساء: ٤٨] وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ومن مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ولا يلقى الله عبد بهما غير شاك فيحجب عن الجنة وحرم الله على النار من قال لا إله إلا الله)) (٢) وغير ذلك واحتجوا على قتله بقوله تعالى: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة: ٥] وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم)) (٣) وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم: ((بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)) (٤) على معنى أنه يستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل أو أنه محمول على المستحل أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر أو أن فعله فعل الكفار والله أعلم انتهى كلامه. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي – ص٧٧٧

المطلب الثالث: حكم ترك الصلاة تهاونا وكسلاً

من تعمد ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً، هل هو كافر أو مسلم؟ فيه قولان، وهذه المسألة محل خلاف طويل بين أهل العلم، وسنورد أقوالهم وأدلتهم ومناقشتها على النحو التالي:-

القول الأول:- قال بتكفير تارك الصلاة جمع من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين وكثير من أئمة العلم وأهله.

يقول محمد بن نصر المروزي عن هذا القول: - وهذا مذهب جمهور أصحاب الحديث. (٥)

ويقول ابن حزم: - (فروينا عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ومعاذ بن جبل وابن مسعود وجماعة من الصحابة – رضي الله عنهم – وعن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة، والتابعين رضي الله عنهم، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها، فإنه كافر ومرتد، وبهذا يقول عبد الله بن الماجشون صاحب مالك، وبه يقول عبد الملك بن حبيب الأندلسي وغيره) (٦).

وقال ابن قدامة: - واختلفت الرواية هل يقتل لكفره أو حداً؟ فروي أنه يقتل لكفره كالمرتد، فلا يغسل ولا يكفن ولا يدفن بين المسلمين، ولا يرثه أحد، ولا يرث أحداً، اختارها أبو إسحاق بن شاقلا، وابن حامد، وهو مذهب الحسن، والنخعي، والشعبي، وأيوب السختياني، والأوزاعي، وابن المبارك، وحماد بن زيد، وإسحاق، ومحمد بن الحسن ... (٧)


(١) رواه البخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (١٦٧٦). من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (٢٧).
(٣) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٤) رواه أبو داود (٤٦٧٨)، والترمذي (٢٦٢٠)، والنسائي (١/ ٢٣٢)، وابن ماجه (١٠٧٨)، وأحمد (٣/ ٣٧٠) (١٥٠٢١). من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال أبو عيسى: حسن صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٥) ((تعظيم قدر الصلاة)) (٢/ ٦٣٦).
(٦) ((الفصل)) (٣/ ٢٧٤)، وانظر: ((المحلى)) (٢/ ٣٢٦، ٣٢٧)، و ((الشريعة)) للآجري (ص١٣٣ - ١٣٥) و ((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (٢/ ٦٦٩ - ٦٨٤)، و ((التمهيد)) لابن عبد البر (٤/ ٢٢٥).
(٧) ((المغني)) (٣/ ٣٥٤)، وانظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (١/ ٤٠٤، ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>