للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر: ٣٨ - ٤٧]

يقول محمد بن نصر المروزي: - أولا تراه أبان أن أهل المعاد إلى الجنة المصلين، وأن المستوجبين للإياس من الجنة المستحقين للتخليد في النار من لم يكن من أهل الصلاة بإخباره تعالى عن المخلدين في النار حين سئلوا مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر: ٤٢]. (١)

وقال ابن القيم: - (قد جعل الله سبحانه المجرمين ضد المسلمين، وتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر، وقد قال: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر: ٤٧, ٤٨]

وقال تعالى: - إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين: ٢٩]، فجعل المجرمين ضد المؤمنين المسلمين) (٢).

٣ - قوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلاَّ مَن تَابَ [مريم: ٥٩].

ومعنى أضاعوا الصلاة أي تركوها، كما اختاره ابن جرير وغيره (٣)، وأما المقصود بغي، فقد ساق الإمام محمد بن نصر بسنده عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أن صخرة زنة عشر عشروات (٤) قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفاً، ثم تنتهي إلى غي وأثام، فقلت: وما غي وأثام؟ قال: بئران في أسفل جهنم، يسيل فيها صديد أهل جهنم)). (٥)

يقول ابن القيم: (فوجه الدلالة من الآية أن الله سبحانه جعل هذا المكان من النار لمن أضاع الصلاة، واتبع الشهوات، ولو كان مع عصاة المسلمين، لكانوا في الطبقة العليا من طبقات النار، ولم يكونوا في هذا المكان الذي هو في أسفلها، فإن هذا ليس من أمكنة أهل الإسلام، بل من أمكنه الكفار، ومن الآية دليل آخر وهو قوله تعالى: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فلو كان مضيع الصلاة مؤمناً، لم يشترط في توبته الإيمان، وأنه يكون تحصيلاً للحاصل) (٦).

٤ - قوله عز وجل: - فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [التوبة: ١١].


(١) ((تعظيم قدر الصلاة)) (٢/ ١٠٠٧).
(٢) كتاب ((الصلاة)) (ص٣٨).
(٣) انظر: ((تفسير الطبري)) (١٦/ ٦٦)، و ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٣/ ١٢٥)، و ((فتح القدير)) للشوكاني (٣/ ٣٣٩).
(٤) عشروات: جمع عشراء: وهي الناقة التي أتى عليها من وقت الحمل عشرة أشهر. انظر: ((لسان العرب)) (٤/ ٥٧٢)، و ((مختار الصحاح)) (ص٤٣٤).
(٥) ((تعظيم قدر الصلاة)) (١/ ١١٩، ١٢٠)، ورواه الطبري (١٨/ ٢١٧)، والطبراني (٨/ ١٧٥). قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ٢٣١): رواه الطبراني والبيهقي مرفوعاً، ورواه غيرهما موقوفاً على أبي أمامة وهو أصح. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٨٩): " رواه الطبراني وفيه ضعفاء قد وثقهم ابن حبان وقال: يخطئون. وقال الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (٢١٤٧): ضعيف.
(٦) ((كتاب الصلاة)) (ص٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>