للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) (١)

يقول العراقي في شرح هذا الحديث: - (الضمير في قوله ((وبينهم)) يعود على الكفار أو المنافقين، معناه بين المسلمين والكافرين والمنافقين ترك الصلاة ... والمراد أنهم ما داموا يصلون فالعهد الذي بينهم وبين المسلمين من حقن الدم باق ... ) (٢).

ومما قاله المباركفوري في شرح هذا الحديث: - (والمعنى أن العمدة في إجراء أحكام الإسلام عليهم تشبههم بالمسلمين في حضور صلاتهم، ولزوم جماعتهم، وانقيادهم للأحكام الظاهرة، فإذا تركوا ذلك كانوا هم والكفار سواء) (٣).

فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة حداً يميز المسلمين عن غيرهم من الكفار، ويشهد لهذا ما جاء في الحديث الآخر عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً قال: ((بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك)) (٤)

٣ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: ((من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم تكن له نوراً، ولا برهاناً، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف)) (٥)

قال ابن القيم: وإنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر لأنهم من رؤوس الكفرة، وفيه نكتة بديعة، وهو أن تارك المحافظة على الصلاة ... إما أن يشغله ماله، أو ملكه، أو رئاسته، أو تجارته، فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رئاسة وزارة فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته مع أبي بن خلف. (٦)

وقال الشنقيطي: (وهذا الحديث أوضح دلالة على كفر تارك الصلاة؛ لأن انتفاء النور والبرهان والنجاة، والكينونة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف يوم القيامة أوضح دليل على الكفر كما ترى) (٧).


(١) رواه الترمذي (٢٦٢١)، والنسائي (١/ ٢٣١)، وابن ماجه (١٠٧٩)، وأحمد (٥/ ٣٤٦) (٢٢٩٨٧)، والحاكم (١/ ٤٨). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد لا تعرف له علة بوجه من الوجوه فقد احتجا جميعا بعبد الله بن بريدة عن أبيه واحتج مسلم بالحسين بن واقد ولم يخرجاه بهذا اللفظ ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعا ووافقه الذهبي. وقال ابن العربي في ((العواصم)) (٢٦٢): صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٢) ((طرح التثريب شرح التقريب)) (٢/ ١٤٥).
(٣) ((تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي)) (٧/ ٣٦٩).
(٤) رواه اللالكائي في ((أصول اعتقاد أهل السنة)) (٤/ ٨٢٢). قال اللالكائي: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (١/ ٢١٤): رواه هبة الله الطبري بإسنادٍ صحيح. وقال الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (١/ ٢٢٧).
(٥) رواه أحمد (٢/ ١٦٩) (٦٥٧٦)، والدارمي (٢/ ٣٩٠) (٢٧٢١)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٣/ ٤٦). قال الذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (١/ ٣٠٠): إسناده جيد. وقال العراقي في ((طرح التثريب)) (٢/ ١٤٧): صحيح. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ٢٩٧): رجال أحمد ثقات. وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (١٠/ ٨٣): إسناده صحيح.
(٦) كتاب ((الصلاة)) (ص٤٦،٤٧).
(٧) ((أضواء البيان)) (٤/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>