للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بسبع: ((لا تشرك بالله شيئاً، وإن قطعت أو حرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمداً، فمن تركها عمداً فقد برئت منه الذمة ... )) (١)

يقول ابن القيم: - (ولو كان باقياً على إسلامه، لكانت له ذمة الإسلام) (٢).

٥ - وجاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الطويل، قوله صلى الله عليه وسلم: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد)) (٣)

يقول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله -: ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده، سقط الفسطاط، ولم تنتفع بالطنب ولا بالأوتاد، وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد؟ (٤)

٦ - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما لنا، وعليه ما علينا)) (٥)

فهذا دليل على أن من لم يصل صلاتنا، ويستقبل قبلتنا فليس بمسلم. (٦)

وقال ابن القيم – عن هذا الحديث -: - ووجه الدلالة فيه من وجهين:-

أحدهما: أنه إنما جعله مسلماً بهذه الثلاثة، فلا يكون مسلماً بدونها.

الثاني:- أنه إذا صلى إلى الشرق، لم يكن مسلماً حتى يصلي إلى قبلة المسلمين، فكيف إذا ترك الصلاة بالكلية. (٧)

٧ - وعن محجن الديلي رضي الله عنه: ((أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، ثم رجع ومحجن في مجلسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ قال: بلى يا رسول الله، ولكني قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت)) (٨)

يقول ابن عبد البر: - في هذا الحديث وجوه من الفقه: أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم لمحجن الديلي: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ وفي هذا – والله أعلم – دليل على أن من لا يصلي ليس بمسلم، وإن كان موحداً، وهذا موضع اختلاف بين أهل العلم، وتقرير هذا الخطاب في هذا الحديث: أن أحداً لا يكون مسلماً إلا أن يصلي، فمن لم يصل فليس بمسلم (٩)

ويقول ابن القيم: " فجعل الفارق بين المسلم والكافر الصلاة، وأنت تجد تحت ألفاظ الحديث أنك لو كنت مسلماً لصليت، وهذا كما تقول: مالك لا تتكلم ألست بناطق؟ ومالك؛ لا تتحرك ألست بحي؟ ولو كان الإسلام يثبت مع عدم الصلاة، لما قال لمن رآه لا يصلي: ألست برجل مسلم. (١٠)


(١) رواه ابن ماجه (٤٠٣٤) قال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (٤/ ١٩٠): هذا إسناد حسن، شهر مختلف فيه. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): حسن. لشواهده في صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٢٢٧ – ٢٢٩.
(٢) كتاب ((الصلاة)) (ص٤٨٧).
(٣) رواه الترمذي (٢٦١٦)، وابن ماجه (٣٩٧٣)، وأحمد (٥/ ٢٣١) (٢٢٠٦٩)، والحاكم (٢/ ٤٤٧). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٤) ((رسالة الصلاة)) (ص١٦)، وانظر: كتاب ((الصلاة)) لابن القيم (ص٤٨)، و ((جامع العلوم والحكم)) (١/ ١٤٦، ٢/ ١٤٦).
(٥) رواه البخاري (٣٩١).
(٦) انظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (٤/ ١٢٢٨).
(٧) كتاب ((الصلاة)) (ص٤٨، ٤٩).
(٨) رواه النسائي (٢/ ١١٢)، وأحمد (٤/ ٣٤) (١٦٤٤٠). قال الحاكم (١/ ٣٧١): حديث صحيح. وقال النووي في ((الخلاصة)) (٢/ ٦٦٦): صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن النسائي)): صحيح.
(٩) ((التمهيد)) (٤/ ٢٢٤).
(١٠) كتاب ((الصلاة)) (ص٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>