للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- أن الله تعالى توعد من اتخذ آياته هزواً بالعذاب المهين، ولم يجئ إعداد العذاب المهين إلا في حق الكفار (١).

كما توعد أولئك المستهينين بآياته بالخلود في النار. فقال تعالى: وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ [الجاثية:٩]

وقال سبحانه: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [الجاثية:٣٤, ٣٥].

جـ- أن الاستهانة بالمصحف تكذيب لله تعالى في خبره، ومناقضة لما أمر الله تعالى به من تعظيم كلامه عز وجل، والاستهانة بالقرآن استهانة بمن تكلم به تعالى (٢).

يقول الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩]

ويقول سبحانه: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا [النساء: ٨٢].

وقال تعالى: - قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:٨٨].

وقال سبحانه: - وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ [الحج:٥٢] فأخبر تعالى أنه يحفظ آياته، ويحكمها حتى لا يخالطها غيرها ولا يداخلها التغيير ولا التبديل (٣).

فمن استهان بالمصحف سواء كان بتحريف، أو تصحيف أو زيادة، أو نقص فهو مكذّب بمثل الآيات الكريمة التي سبق ذكرها، ولقد حكم الله تعالى - ولا معقب لحكمه - بالكفر على من جحد آياته، وأخبر تعالى بأنه لا أحد أظلم ممن كذب بآيات الله تعالى، وأنهم لا تفتح لهم أبواب السماء، ولا يدخلون الجنة.

يقول الحليمي: إن الله حفظ القرآن، فقال عند ذكره إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩]، وقال: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:٤٢].

فمن أجاز أن يتمكن أحد من زيادة شيءٍ في القرآن أو نقصانه منه، أو تحريفه أو تبديله، فقد كذب الله في خبره، وأجاز الوقوع فيه، وذلك كفر (٤).


(١) انظر: ((الصارم المسلول)) (ص٥٢).
(٢) انظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (٤/ ١٣٦).
(٣) انظر: ((الموافقات)) للشاطبي (٢/ ٥٨).
(٤) ((المنهاج في شعب الإيمان)) (١/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>