للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها قوله: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ تتقوله وتزوره عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ أي في ملكه وعهده، ومعلوم أن استبدال ما تتلوه الشياطين وتتقوله والانقياد له والعمل به عوضاً عما أوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم هذا من أعظم الكفر، وهو من عبادة الطاغوت التي هي أصل الكفر، وقد سمى الله تعالى طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله، سمى ذلك عبادة وأنه اتخاذ لهم أرباباً من دون الله فقال تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ [التوبة:٣١] الآية، قال عدي بن حاتم رضي الله عنه حين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوها: إنا لسنا نعبدهم، قال: ((أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟)) قال بلى. قال: ((فتلك عبادتكم إياهم)) (١)، ولهذا قال تعالى بعدها: وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:٣١] فإذا كان هذا في طاعة الأحبار والرهبان فكيف في طاعة الشيطان فيما ينافي الوحي، فهل فوق هذا الشرك من كفر؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ وعبادة الشيطان هي اتباعه فيما أمر به من الكفر والضلال ودعا إليه، كما قال عز وجل فيه إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، وكما يقول للمجرمين يوم القيامة: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلاًّ كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ [يس:٦٠ - ٦٢].


(١) [١٠٧٤٨])) رواه الترمذي (٣٠٩٥) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (١٠/ ١١٦) والطبراني (١٧/ ٩٢) , قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث, وحسنه ابن تيمية في ((حقيقة الإسلام والإيمان)) (ص: ١١١) , وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٧/ ٨٦١): علة الحديث هي جهالة غطيف ابن أعين, وحسنه في ((صحيح سنن الترمذي)).

<<  <  ج: ص:  >  >>