للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: ٢].

وإذا كان الذي معهم أو مع غيرهم، أموال يعرف أنهم غصبوها من معصوم فذلك لا يجوز اشتراؤها لمن يمتلكها لكن إذا اشتريت على طريق الاستنقاذ لتصرف في مصارفه الشرعية فتعاد إلى أصحابها – إن أمكن – وإلا صرفت في مصالح المسلمين: جاز هذا. وإذا علم أن في أموالهم شيئاً محرماً لا تعرف عينه، فهذا لا تحرم معاملتهم فيه كما إذا علم أن في الأسواق ما هو مغصوب ومسروق ولم يعلم عينه) (١).

وقد روى البخاري في كتاب البيوع باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب عن عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء رجل مشرك مشعان (٢) طويل بغنم يسوقها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بيعاً أم عطية) أو قال: أم هبة؟ فقال: لا. بيع فاشترى منه شاة)) (٣).

قال ابن بطال: معاملة الكفار جائزة إلا بيع ما يستعين به أهل الحرب على المسلمين (٤)

وثبت أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه أخذ من يهودي ثلاثين وسقاً من شعير ورهنه درعه)) (٥) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: -

(وإذا سافر الرجل إلى دار الحرب ليشتري منها جاز عندنا، كما دل عليه حديث تجارة أبي بكر رضي الله عنه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام وهي حينذاك دار حرب وغير ذلك من الأحاديث.

فأما بيع المسلم لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والريحان ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم: فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم، وهو مبني على أصل وهو: أنه لا يجوز أن يبيع الكفار عنباً أو عصيراً يتخذونه خمراً.

وكذلك لا يجوز بيعهم سلاحاً يقاتلون به مسلماً) (٦).

(٢) الوقف عليهم أو وقفهم على المسلمين:

قال ابن القيم: (أما ما وقفوه. فينظر فيه، فإن وقفوه على معين أو جهة يجوز للمسلم الوقف عليها كالصدقة على المساكين والفقراء وإصلاح الطرق والمصالح العامة، أو على أولادهم وأنسالهم وأعقابهم: فهذا الوقف صحيح. حكمه حكم وقف المسلمين على هذه الجهات لكن إذا شرط في استحقاق الأولاد والأقارب بقاءهم على الكفر- فإن أسلموا لم يستحقوا شيئاً- لم يصح هذا الشرط، ولم يجز للحاكم أن يحكم بموجبه باتفاق الأمة لأنه مناقض لدين الإسلام، مضاد لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.

أما وقف المسلم عليه: فإنه يصح منه ما وافق حكم الله ورسوله، فيجوز أن يقف على معين منهم، أو على أقاربه، وبني فلان ونحوه.


(١) [١١١٧])) ((المسائل الماردينية)) (ص ١٣٢ – ١٣٣) تحقيق الشاويش الطبعة الثالثة سنة ١٣٩٩هـ
(٢) [١١١٨])) أي طويل مشعث الشعر.
(٣) [١١١٩])) رواه البخاري (٢٢١٦) ومسلم (٢٠٥٦).
(٤) [١١٢٠])) ((فتح الباري)) (٤/ ٤١٠)
(٥) [١١٢١])) رواه أحمد (٢٧٢٤) , والطبراني (١١/ ٢٦٨) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٦/ ٣٦) , وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٤/ ٢٧٢) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما, قال ابن جرير في ((مسند ابن عباس)) (١/ ٢٣٩): اسناده صحيح, وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ١٢٦): رجاله موثوقون, وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٤/ ٢٥٦): إسناده صحيح, وصححه مقبل الوادعي في ((الصحيح المسند)) (٦١٢). وروى البخاري (٢٥١٣) نحوه من حديث عائشة بلفظ: (اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما ورهنه درعه).
(٦) [١١٢٢])) ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (ص ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>