للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً رحمه الله: ( .. ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب؛ ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: ٦٣]) (١).

ومن مخاطر الطعن في العلماء:

التسبب إلى تعطيل الانتفاع بعلمهم:

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الديك؛ لأنه يدعو إلى الصلاة (٢) فكيف يستبيح قوم إطلاق ألسنتهم في ورثة الأنبياء الداعين إلى الله عز وجل؟!

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت: ٣٣].

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (ما نحن لولا كلمات الفقهاء؟!).

وكان الحسن البصري رحمه الله يقول: (الدنيا كلها ظلمة، إلا مجالس العلماء) (٣).

وقال الإمام السخاوي رحمه الله: (إنما الناس بشيوخهم، فإذا ذهب الشيوخ فمع من العيش؟!) (٤).

ومن شؤم الطعن في العلماء:

أن القدح بالحامل يفضي إلى القدم بما يحمله من الشرع والدين، ولهذا أطبق العلماء على أن من أسباب الإلحاد: (القدح في العلماء).

لما استهزأ رجل من المنافقين بالصحابة رضي الله عنهم، قائلاً: (ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء) أنزل الله عز وجل: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ [التوبة: ٦٥ - ٦٦] (٥).

ويقول العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى:

(بادرة ملعونة .. وهي تكفير الأئمة: النووي، وابن دقيق العيد، وابن حجر العسقلاني، أو الحط من أقدارهم، أو أنهم مبتدعة ضلال، كل هذا من عمل الشيطان، وباب ضلالة وإضلال، وفساد وإفساد، وإذا جرح شهود الشرع جرح المشهود به، لكن الأغرار لا يفقهون ولا يتثبتون) (٦).

ومن شؤم تلويث الجو الدعوي بالطعن في العلماء، وتجريح الأخيار:

التسبب في انزواء بعض هؤلاء الأخيار، وابتعادهم عن ساحة التربية والتعليم والدعوة، صيانة لأعراضهم، وحفظاً لحياة قلوبهم؛ لأن القلوب الحرة يؤذيها التعكير:

(إن الحساسية تبلغ مداها لدى الداعية السوي، ونفسه تعاف كل جو خانق غير نقي، إن روحه لا تطيق الأجواء المغبرة وانعدام الأوكسجين، ومؤلمة هي لفحات التراب .. أسلوب في القتل هو الخنق، ونمط في الإرهاب الطائش هو العصف) (٧).

( .. وإذا لم نتقيد بالضوابط في الممارسات الدعوية، فإن الأذواق ستفسد، ويكثر الصخب الذي يرهق الثقة المؤهل للتقدم، فينزوي حفاظاً على عرضه وسمعته، ولئلا يقسو قلبه عبر قيل وقال) (٨).


(١) ((قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - في تفسير هذه الآية: (أي: فليحذر وليخض ... من خالف شريعة الرسول باطناً وظاهراً أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: في الدنيا: بقتل أو حد أو حبس، أو نحو ذلك)).
(٢) رواه أحمد (٥/ ١٩٢) (٢١٧٢٣)، وابن حبان (١٣/ ٣٧) (٥٧٣١). من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه. والحديث صححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (٣٦٣)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: رجاله ثقات رجال الشيخين وقد اختلف في وصله وإرساله.
(٣) ((جامع بيان العلم)) (١/ ١١٤).
(٤) ((فتح المغيث)) (٢/ ٣٢٠).
(٥) ((تفسير الطبري)) (١٤/ ٣٣٣).
(٦) ((تصنيف الناس بين الظن واليقين)) (ص: ٩٤).
(٧) ((فضائح الفتن)) (ص: ١٠).
(٨) ((فضائح الفتن)) (ص: ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>