للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- ما روي عن سهل بن أبي صالح عن أبيه قال: (اجتمع عندي نفقة فيها صدقة - يعني بلغت نصاب الزكاة - فسألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري أن أقسمها أو أدفعها إلى السلطان؟ فأمروني جميعًا أن أدفعها إلى السلطان، ما اختلف علي منهم أحد). وفي رواية فقلت لهم: (هذا السلطان يفعل ما ترون - كان هذا في عهد بني أمية - فأدفع إليهم زكاتي؟ فقالوا كلهم: نعم فادفعها) (١).

ب- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه الله أمركم، فمن بر فلنفسه ومن أثم فعليها) (٢). وفي رواية عن قزعة مولى زياد بن أبيه أن ابن عمر قال: (ادفعوا إليهم وإن شربوا بها الخمر) (٣).

جـ- وعن المغيرة بن شعبة أنه قال لمولى له - وهو على أمواله بالطائف - (كيف تصنع في صدقة مالي؟ قال: منها ما أتصدق به، ومنها ما أدفع إلى السلطان، قال: وفيم أنت من ذلك؟ - أنكر عليه أن يفرقها بنفسه - فقال: إنهم يشترون بها الأرض ويتزوجون بها النساء. فقال: ادفعها إليهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن ندفعها إليهم) (٤). قال ابن قدامة: (روي عن الإمام أحمد أنه قال: قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب، ويشربون بها الخمور، قال: ادفعها إليهم، قال: وكان ابن عمر يدفع زكاته إلى من جاءه من سعاة ابن الزبير أو نجدة الحروري) (٥) من الخوارج.

د- أما أقوال الفقهاء: فللشافعية في دفع الأموال الظاهرة إلى الإمام الجائر وجهان. أحدهما: يجوز، ولا يجب. قال النووي: (وأصحها يجب الصرف إليه لنفاذ حكمه وعدم انعزاله) (٦).

أما الحنابلة فقد قال ابن قدامة في المغني: (لا يختلف المذهب أن دفعها إلى الإمام جائز سواء كان عادلاً أو غير عادل، وسواء كانت في الأموال الظاهرة أو الباطنة ويبرأ بدفعها إليه) (٧).

القائلون بعدم جواز دفعها إلى أئمة الجور:

وفي المقابل نجد من الصحابة والتابعين والفقهاء من أفتى بعدم جواز دفعها إلى أئمة الجور إذا علم أنهم لا يضعونها في مواضعها فمنهم:

١ - يروى رجوع ابن عمر عن فتاواه السابقة وإفتاؤه بعدم دفعها إليهم يدل على ذلك:

أ- ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد بسنده عن أبيه إلى خيثمة قال: سألت ابن عمر عن الزكاة؟ فقال: (ادفعها إليهم)، وسألته مرة أخرى فقال: (لا تدفعها إليهم، فقد أضاعوا الصلاة) (٨).

ب- وروى أبو عبيدة بسنده عن ميمون قال: إن صديقًا لابن عمر أخبرني أنه قال لابن عمر: ما ترى في الزكاة فإن هؤلاء لا يضعونها مواضعها؟ فقال: ادفعها إليهم قال: فقلت: أرأيت لو أخَّروا الصلاة عن وقتها أكنت تصلي معهم؟ قال: لا، قال فقلت: هل الصلاة إلا مثل الزكاة؟ فقال: (لبَّسوا علينا لبَّس الله عليهم) (٩).


(١) [١٣١٢٣])) رواه البيهقي (٤/ ١١٥) (٧٦٣٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٦). قال البيهقي: وروينا فى هذا أيضاً عن أبى هريرة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس رضى الله عنهم، وصححه الألباني في ((مشكلة الفقر)) (٧٢).
(٢) [١٣١٢٤])) رواه البيهقي (٤/ ١١٥) (٧٦٣١)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٧). قال النووي في ((المجموع)) (٤/ ١٤٦): إسناده صحيح أو حسن، وصححه الألباني في ((مشكلة الفقر)) (٧٣).
(٣) [١٣١٢٥])) رواه البيهقي (٤/ ١١٥) (٧٦٣٣). قال النووي في ((المجموع)) (٤/ ١٦٤): إسناده صحيح أو حسن.
(٤) [١٣١٢٦])) رواه البيهقي (٤/ ١١٥) (٧٦٣٠). قال النووي في ((المجموع)) (٢/ ١٦٢): إسناده فيه ضعف، وضعفه الألباني في ((مشكلة الفقر)) (٧٤).
(٥) [١٣١٢٧])) ((المغني)) (٢/ ٥٠٥).
(٦) [١٣١٢٨])) ((المجموع)) (٦/ ١٠٧).
(٧) [١٣١٢٩])) ((المغني)) (٢/ ٥٠٥).
(٨) [١٣١٣٠])) ((مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله)) (ص: ١٥٢).
(٩) [١٣١٣١])) ((الأموال)) لأبي عبيد (ص: ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>