للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- وروى أبو عبيد بسنده إلى حبان بن أبي جبلة عن ابن عمر أنه رجع عن قوله في دفع الزكاة إلى السلطان وقال: (ضعوها في مواضعها) (١).

٢ - وقال الثوري: (احْلِفْ لهم واكْذبهم ولا تُعْطِهم شيئًا إذا لم يضعوها مواضعها) وقال: (لا تعطهم) (٢).

٣ - وقال عطاء: (اعطهم إذا وضعوها مواضعها) فمفهومه كما قال ابن قدامة: (أنه لا يعطيهم إذا لم يكونوا كذلك) (٣).

٤ - وقال الشعبي وأبو جعفر: (إذا رأيت الولاة لا يعدلون فضعها في أهل الحاجة).

٥ - وقال إبراهيم: (ضعوها في مواضعها فإن أخذها السلطان أجزأك) (٤). وروي عنه قوله: (لا تؤدوا الزكاة لمن يجور فيها) (٥).

٦ - ومن أقوال الفقهاء ما ذهب إليه البهوتي بقوله: (وإن لم يكن يضعها أي الإمام - مواضعها (حَرُم) دفعها (ويجوز) وعبارة الأحكام السلطانية وكثير من النسخ ويجب (كتمها إذن) وهذا قول القاضي في الأحكام السلطانية) (٦).

القول الراجح:

وعند النظر في هذه الأدلة يتضح رجحان قول القائلين بجواز دفع الزكاة إلى سلاطين الجور وإجزائها إذا طلبوها وخيفت الفتنة عملاً بالأحاديث المذكورة وبعموم الأحاديث الموجبة لطاعتهم وإن جاروا، وأنَّ عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حملتم، وأدّوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم. ونحوها ...

وقد روي عن بشير بن الخصاصية قال: ((قلنا: يا رسول الله إن قومًا من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال: لا)) (٧). أمَّا إذا لم يُلِحُّوا في طلبها وأُمِنَتْ الفتنة، أو أمكن إخفاؤها، فعلى صاحبها تحرِّي الأحق بها من أهلها ودفعها إليه ... والله أعلم.

(٢) الجزية:

المورد الثاني من موارد بيت مال المسلمين هو الجزية. وهي: المال المقدر المأخوذ من الذمي، يلتزم إذا ما دخل في ذمة المسلمين بأدائها إلى الدولة الإسلامية إذا أحبَّ البقاء على دينه. قال تعالى: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة: ٢٩]

وتسقط الجزية بعد وجوبها إذا أسلم الذمي، أو عجزت الدولة عن حمايتهم، ولهذا ردّ أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه الجزية إلى الذميين في بعض مدن الشام عند عجز الجيش الإسلامي عن حمايتهم.

ولا تجب الجزية في السنة إلا مرة واحدة (٨).

(٣) الخراج:


(١) [١٣١٣٢])) ((المغني)) لابن قدامة (٢/ ٥٠٥).
(٢) [١٣١٣٣])) ((المغني)) لابن قدامة (٢/ ٥٠٥).
(٣) [١٣١٣٤])) ((المغني)) (٢/ ٥٠٥). وانظر: ((موسوعة إبراهيم النخعي الفقهية)). د. محمد رواس قلعجي الكتاب الثاني (ص: ٣١٨).
(٤) [١٣١٣٥])) ((المغني)) لابن قدامة (٢/ ٥٠٥).
(٥) [١٣١٣٦])) مصنف عبد الرزاق (٤/ ٤٨).
(٦) [١٣١٣٧])) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٠٢).
(٧) [١٣١٣٨])) رواه أبو داود (١٥٨٦) وسكت عنه، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٢/ ٢٥١) كما قال هذا في المقدمة.
(٨) [١٣١٣٩])) ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>