للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن موارد بيت المال الأموال التي ليس لها مالك مُعًيَّن مثل من مات من المسلمين وليس له وارث معيَّن، وكالغصوب، والعواري، والودائع. التي تعذَّر معرفة أصحابها، والأراضي التي تستغلُّها الدولة أو تؤجرها، والمعادن التي تستخرجها الدولة من باطن الأرض، وخمس الركاز. وهي: المعادن المستخرجة من باطن الأرض، كالذهب والفضة والنحاس والملح ونحوها ... أما إذا استخرجتها الدولة فهي لبيت مال المسلمين. ومنها ما يفرضه الإمام على الأغنياء عند الضرورة وعجز بيت المال لصرفه على شؤون الدولة والرعية الضرورية مثل نفقات الجند والسلاح وسد حاجات المحتاجين ونحو ذلك.

مصارف بيت المال:

١ - الزكاة:

وتصرف لمن سمّاهم الله في كتابه في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: ٦٠].

ولا يجوز صرفها لغير هؤلاء الثمانية، ولا إلى بني هاشم ولا لمواليهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس)) (١).

أما بنو المطلب ففيهم روايتان عن الإمام أحمد بالمنع وبالجواز (٢)، وإلى الجواز ذهب أبو حنيفة (٣)، واستدل المانعون بحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنا وبنوا المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيءٌ واحد)) (٤). قال ابن حزم: (فصحَّ أنه لا يجوز أن يُفَرَّق بين حكمهم في شيءٍ أصلاً، لأنَّهم شيءُ واحد بنصِّ كلامه عليه الصلاة والسلام، فصحّ أنهم آل محمد، وإذا هم آل محمد فالصدقة عليهم حرام) (٥).

٢ - الجزية والخراج والعشور ونحوها:

فهذه تُدخَل إلى بيت مال المسلمين، وتصرف في العطاءات والنفقات المستحقة ومصروفات بيت المال الأخرى على حسب ما يراه الإمام. ونحوها موارد بيت المال الخاصة بالدولة كالأراضي المؤجرة والأموال التي لا صاحب لها ونحو ذلك.

٣ - الغنائم:

وهذه تصرف كما قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ ... [الأنفال: ١]. وقوله: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ... الآية [الأنفال: ٤١]. فالواجب في المغنم تخميسه، وصرف الخُمس إلى من ذكره الله تعالى، وقسمة الباقي بين الغانمين، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (الغنيمة لمن شهد الوقعة، وهم الذين شهدوها للقتال سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا) (٦).


(١) [١٣١٥١])) رواه مسلم (١٠٧٢) ولفظه: (( .... إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس إنها لاتحل لمحمد ولا لآل محمد ... )).
(٢) [١٣١٥٢])) ((المغني)) لابن قدامة (٢/ ٥١٧ - ٥١٨)، ((الفروع)) لابن مفلح (٢/ ٤٨١).
(٣) [١٣١٥٣])) ((المبسوط)) للسرخسي (١٠/ ١٢)، و ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ٤٩).
(٤) [١٣١٥٤])) رواه أبو داود (٢٩٨٠)، وسكت عنه، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (٣/ ٣٢٧): إسناده في غاية الصحة، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٥٨٢) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ٨٩) كم قال ذلك في المقدمة.
(٥) [١٣١٥٥])) ((المحلى)) لابن حزم (٦/ ٢١٠).
(٦) [١٣١٥٦])) ((السياسة الشرعية)) لابن تيمية (ص: ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>