للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب قسمها بالعدل، فلا يحابى أحد لا لرياسة، ولا لجاه، ولا لفضل، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه من بعده. ففي (صحيح البخاري) أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رأى له فضلاً على من دونه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

((هل تُنْصَرون وترزقون إلا بضعفائكم)) (١) والعدل في القسمة أن يقُسم للرجل سهم وللفرس سهمان، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر (٢).

أما إن رأى الإمام أن في تفضيل بعض المجاهدين على بعض مصلحة دينية يعلمها هو، لا لهوى النفس، فله ذلك كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مرة (٣).

٤ - الفيء:

وهذا يقسم على من ذكرهم الله في سورة الحشر قال تعالى: مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ] الحشر: ٧ - ١٠ [.]

وعن عمر بن الخطاب رضي الله قال: (كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه من خيل ولا ركاب، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فكان ينفق على أهله نفقة سنته). وفي لفظ: (يحبس لأهله قوت سنتهم ويجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله) (٤).

وعلى هذا فيصرف الفيء بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع مصالح المسلمين، ومنها الإنفاق على ذوي الحاجات ودفع الأرزاق للجند والعلماء والقضاة وسائر موظفي الدولة، كما يعطى منه إلى عموم المسلمين، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم في سيرتهم وهديهم، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، والله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب إلا عبدًا مملوكًا، ولكنا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته) (٥).


(١) [١٣١٥٧])) رواه البخاري (٢٨٩٦).
(٢) [١٣١٥٨])) الحديث رواه ابن ماجه (٢٣٢١)، وابن حبان (١١/ ١٣٩) (٤٨١٠). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٣) [١٣١٥٩])) ((السياسة الشرعية)) (ص: ٣٥).
(٤) [١٣١٦٠])) رواه البخاري (٢٩٠٤).
(٥) [١٣١٦١])) رواه أبو داود (٢٩٥٠)، وأحمد (١/ ٤٢) (٢٩٢). من حديث مالك بن أوس. والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ١٠٦) كما قال ذلك في المقدمة، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>