للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي عنه أيضًا: (والله لئن بقيت لهم إلى قابل ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظَّه من هذا المال وهو يرعى مكانه) (١).

ويفهم من هذا كله أن عموم المسلمين لهم نصيب من مال الفيء، فيعطون منه بعد سد النفقات الضرورية للدولة.

٥ - ويلحق بالفيء ويكون مصرفه مصرف الفيء الأموال التي ليس لها مالك معين، مثل من مات من المسلمين وليس له وارث، وكالغصوب، والعواري، والودائع وغير ذلك من أموال المسلمين التي تعذر معرفة أصحابها (٢)، أو التي لا صاحب لها.

وجوه صرف الأموال:

الواجب على الإمام عند صرف الأموال أن يبتدئ في القسمة بالأهم فالأهم من مصالح المسلمين، كعطاء من يحصل للمسلمين منهم منفعة عامة أو المحتاجين فمن هؤلاء:

١ - المقاتلة: وهم أهل النصرة والجهاد، وهم أحق الناس بالفيء، فإنه لا يحصل إلا بهم، حتى اختلف الفقهاء في مال الفيء هل هو مختص بهم أو مشترك في جميع المصالح؟ (٣) وكذلك إذا قتل أو مات من المقاتلة فإنه ترزق امرأته وأولاده الصغار حتى يكبروا (٤).

٢ - ذوو الولايات كالولاة والقضاة والعلماء والسعاة على المال جمعًا وحفظًا وقسمةً، وجميع القائمين على مصالح المسلمين.

٣ - كذلك يصرف في الأثمان والأجور لما يعم نفعه من سداد الثغور بالكراع والسلاح، وعمارة ما يحتاج إلى عمارته من طرقات الناس كالجسور والقناطر وطرقات المياه والأنهار ونحو ذلك.

٤ - ومن المستحقين ذوو الحاجات: فإن الفقهاء قد اختلفوا هل يقدَّمون في غير الصدقات من الفيء ونحوه - على غيرهم؟ على قولين في مذهب الإمام أحمد وغيره منهم من قال يقدَّمون، ومنهم من قال: المال استحق بالإسلام، فيشتركون فيه كما يشترك الورثة في الميراث، قال ابن تيمية: (والصحيح أنهم يقدَّمون، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدِّم ذوي الحاجات كما قدَّمهم في مال بني النضير، وقال عمر رضي الله عنه: ليس أحد أحق بهذا المال من أحد ... ) (٥). وذكر كلام عمر الآنف الذكر.

٥ - كما يجوز - بل يجب - الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه، وإن كان لا يحل له أخذ ذلك، كما خصَّص الله في القرآن نصيبًا للمؤلفة قلوبهم من الصدقات، وكما كان يعطيهم - صلى الله عليه وسلم - من الفيء ونحوه فقد أعطى الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن الفزاري، وعلقمة العامري، وزيد الخير الطائي وقال: ((إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم)) (٦).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا النوع من العطاء وإن كان ظاهره إعطاء الرؤساء وترك الضعفاء كما يفعل الملوك فالأعمال بالنيات، فإذا كان القصد بذلك مصلحة الدين وأهله، كان من جنس عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، وإن كان المقصود العلو في الأرض والفساد كان من جنس عطاء فرعون .. ) (٧)


(١) [١٣١٦٢])) رواه أحمد (١/ ٤٢) (٢٩٢). من حديث مالك بن أوس. وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (١/ ١٤٩).
(٢) [١٣١٦٣])) ((السياسة الشرعية)) (ص: ٦٢).
(٣) [١٣١٦٤])) ((السياسة الشرعية)) (ص: ٧٤).
(٤) [١٣١٦٥])) ((مجموع الفتاوى)) (٢٨/ ٥٨٦).
(٥) [١٣١٦٦])) ((السياسة الشرعية)) (ص: ٥١).
(٦) [١٣١٦٧])) رواه مسلم (١٠٦٤). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٧) [١٣١٦٨])) ((السياسة الشرعية)) (ص: ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>