للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الإمام أحمد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صوموا يوم عاشوراء، خالفوا فيه اليهود، وصوموا قبله يوماً أو بعده يوماً)) (١) ورواه سعيد بهذا الإسناد، ولفظه: ((صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، وصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)).

والحديث رواه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده: ابن عباس.

فتدبر: هذا يوم عاشوراء، يوم فاضل يكفر سنة ماضية صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه ورغب فيه، ثم لما قيل له قبيل وفاته: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، أمر بمخالفتهم بضم يوم آخر إليه، وعزم على ذلك.

ولهذا: استحب العلماء - منهم الإمام أحمد - أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء، وذلك عللت الصحابة رضي الله عنهم.

قال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع عطاء سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ((صوموا التاسع والعاشر، خالفوا اليهود)) (٢). اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – ص٢٥٥

قد روي عن غير واحد من أهل العلم: أن أهل الكتابين قبلنا إنما أمروا بالرؤية - أيضا - في صومهم وعباداتهم، وتأولوا على ذلك قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ولكن أهل الكتابين بدّلوا.

ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن تقدم رمضان باليوم واليومين، وعلل الفقهاء ذلك: بما يخاف من أن يزاد في الصوم المفروض ما ليس منه، كما زاده أهل الكتاب، من النصارى، فإنهم زادوا في صومهم، وجعلوه فيما بين الشتاء والصيف، وجعلوا له طريقة من الحساب يتعرفونه بها.

وقد يستدل بهذا الحديث، على خصوص النهي عن أعيادهم، فإن أعيادهم معلومة بالكتاب والحساب، والحديث فيه عموم.

أو يقال: إذا نهينا عن ذلك في عيد الله ورسوله، ففي غيرها من الأعياد والمواسم أولى وأحرى، ولما في ذلك: من مضارعة الأمة الأمية، سائر الأمم.

وبالجملة - فالحديث يقتضي: اختصاص هذه الأمة بالوصف الذي فارقت به غيرها، وذلك يقتضي أن ترك المشابهة للأمم أقرب إلى حصول الوفاء اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – ص٢٥٥

وأيضاً - عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنا أمة أمية: لا نكتب ولا نحسب، الشهر: هكذا هكذا، يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين)) (٣). رواه البخاري ومسلم.


(١) [١١٦٣])) رواه أحمد (١/ ٢٤١) (٢١٥٤) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٤/ ٢٨٧) , وابن خزيمة في ((صحيحه)) (٣/ ٢٩٠) , قال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (٣/ ٥٥٤): [فيه] داود بن علي عندي أنه لا بأس برواياته, وقال ابن القيسراني في ((ذخيرة الحفاظ)) (٣/ ١٥٤٣): [فيه] داود بن علي سئل يحيى بن معين عنه فقال: أرجو أنه لا يكذب, وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (٤/ ٢١):إسناده حسن, وقال الشيخ الألباني في ((صحيح ابن خزيمة)) (٢٠٩٥): إسناده ضعيف، وروي موقوفاً وسنده صحيح.
(٢) [١١٦٤])) رواه الترمذي (٧٥٥) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٤/ ٢٨٧).
(٣) [١١٦٥])) رواه البخاري (١٩١٣) ومسلم (١٠٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>