للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قال: ثم سل من له أدنى اطلاع على أحوال الناس: كم من حرة مصونة أنشب فيها المحلل مخالب إرادته فصارت له بعد الطلاق من الأخدان، وكان بعلها منفرداً بوطئها، فإذا هو والمحلل فيها ببركة التحليل شريكان، فلعمر الله كم أخرج التحليل مخدرة من سترها إلى البغاء، وألقاها بين براثن العشراء، ولولا التحليل لكان منال الثريا دون منالها ... ) (١).

وجاء تقرير حرمة نكاح المتعة خلافاً للروافض الذين يزعمون أن (متعة النساء خير العبادات وأفضل القربات، ويوردون في فضائلها أخباراً كثيرة موضوعة ومفتراة) (٢).

وقد حكى الإجماع على تحريم نكاح المتعة غير واحد من الأئمة، كما بينه الحافظ ابن حجر بقوله: (قال ابن المنذر: لا أعلم اليوم أحداً يجيزها إلا بعض الروافض، ولا معتمد لقول يخالف كتاب الله وسنة رسوله. وقال عياض: ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها إلا الروافض. وقال الخطابي: تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى علي وآل بيته؛ فقد صح عن علي أنها نسخت، ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة، فقال: هي الزنا بعينه. وقال القرطبي: الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض) (٣).

وأباح جمهور السلف الصالح نكاح المحصنات من أهل الكتاب، كما جاء في قوله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:٥] وحرم الرافضة ما أحل الله فمنعوا نكاح الكتابيات (٤).

قال ابن تيمية عن أولئك الروافض: (هؤلاء يحرمون نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم، وهذا ليس من أقوال أحد من أئمة المسلمين المشهورين بالفتيا، ولا من أقوال أتباعهم، وهو خطأ مخالف للكتاب والسنة والإجماع القديم) (٥).

٦ - الأطعمة والأشربة:

أ- عني أهل السنة بأكل الحلال تقريراً وتحقيقاً، فأثبتوه في عقائدهم، حتى قال الفضيل بن عياض: (إن لله عباداً يحيي بهم البلاد والعباد، وهم أصحاب سنة، من كان يعقل ما يدخل جوفه من حله كان في حزب الله تعالى) (٦).

وقال سهل بن عبد الله التستري: (أصولنا ستة: التمسك بالقرآن، والاقتداء بالسنة، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق) (٧).

ووصف شيخ الإسلام الصابوني أهل الحديث أنهم يتواصون بالتعفف في المآكل والمشارب والمنكح والملبس (٨).

وقال قوام السنة الأصفهاني: (ومن مذهب أهل السنة التورع في المآكل والمشارب والمناكح) (٩).


(١) ((إعلام الموقعين)) (٣/ ٤١، ٤٣).
(٢) ((مختصر التحفة الإثني عشرية)) (ص: ٢٢٧).
(٣) ((فتح الباري)) (٩/ ١٧٣).
(٤) ومع أن الرافضة حرموا نكاح الكتابيات، إلا أنهم غلب عليهم الإباحية والفجور، فقارفوا عارية الفرج والزنا – باسم المتعة – وأباحوا وطء الناس النساء في أدبارهن كما هو مقرر في كتبهم. انظر: ((أصول الشيعة)) للقفاري (٣/ ١٢٣٤، ١٢٣٧).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ٢١٣)، وانظر: (٣٢/ ١٨١).
(٦) أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (٨/ ١٠٤)، واللالكائي (١/ ٦٥).
(٧) أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (١٠/ ١٩٠)، وانظر ((الحلية)) (٩/ ٣١٠).
(٨) انظر: ((عقيدة السلف)) للصابوني (ص: ٢٩٧).
(٩) ((الحجة)) (٢/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>