للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- قرر أهل السنة – في عقائدهم – إباحة المكاسب والطيبات، خلافاً لليهود ومن سلك سبيلهم من الرافضة والمعتزلة.

يقول البربهاري: (واعلم أن الشراء والبيع حلال، ما بيع في أسواق المسلمين حلال، ما بيع على حكم الكتاب والسنة من غير أن يدخله تغيير أو ظلم) (١).

وقال ابن بطة: (ولا تحرم شيئاً مما أحله الله فإن فاعل ذلك مفتر على الله، راد لقوله معتد ظالم ... ثم إن الروافض تشبهت باليهود في تحريم ما أحل الله ... وحرموا الجري (ضرب من السمك لا يأكله اليهود) ولحم الجزور) (٢).

وقال أبو عمرو الداني: (وأكل الحلال فريضة، لقوله تعالى: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ [المؤمنون: ٥١] وتجنب الشبهات واتقاؤها من كمال الورع، وفي ذلك السلامة من الحرام لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) (٣)، والحلال موجود وغير معدوم، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: ٢٧٥] وقال: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [البقرة: ١٨٨]، والتجارة رزق الله، وحلال من حلال الله تعالى، ولو كان الحلال معدوماً على ما يزعمه بعض المعتزلة لصار الحرام مباحاً للضرورة) (٤).

وقال قوام السنة الأصفهاني: (والشراء والبيع حلال إلى يوم القيامة على حكم الكتاب والسنة) (٥).

هـ- قرر جمهور أهل السنة أن كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام. سواء كان من العنب أو غيره، خلافاً لأهل الكوفة الذين فرقوا بين ماء العنب وغيره، فلم يحرموا من غيره إلا القدر المسكر خاصة، وأما القليل الذي لا يسكر فلا يحرم عندهم (٦).

(وأظهر الإمام أحمد بن حنبل مذهب أهل الحديث ومخالفة الكوفيين فيما خالفوا فيه السنة، وصنف كتاب الأشربة، وكان يقرؤه على الناس، لكثرة من يشرب المسكر هناك، حتى كان يدخل الرجل بغداد – مع أنها كانت أعظم مدائن الإسلام – فيقول: هل فيها من يحرم النبيذ؟ - يعني المختلف فيه – يقولون: لا، إلا أحمد بن حنبل، كما ذكر ذلك الخلال) (٧).

وعقد الإمام البخاري – في كتاب الأشربة – باباً بعنوان: (باب الخمر من العنب وغيره) ومراده الرد على الكوفيين الذين فرقوا بين ماء العنب وغيره .. كما قاله ابن المنير (٨).

وجاء هذا التحريم مقرراً في كتب الاعتقاد كما قال أبو عمرو الداني: (وكل شراب من عنب أو زبيب أو تمر أو تين أو عسل أو حنطة أسكر كثيره فقليله حرام، لقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن البتع –وهو شراب يصنع من العسل-: ((كل شراب أسكر كثيره فهو حرام)).) (٩).

وقال شيخ الإسلام الصابوني: (ويحرم أصحاب الحديث المسكر من الأشربة: المتخذ من العنب أو الزبيب أو التمر أو العسل أو الذرة، أو غير ذلك مما يسكر، يحرمون قليله وكثيره) (١٠).

وقال قوام السنة الأصفهاني: (وكل شراب يسكر كثيره فقليله حرام) (١١).

٨ - الحدود:


(١) ((شرح السنة)) (ص: ٩٦)، وانظر: (ص: ١١٢، ١١٣).
(٢) ((الإبانة الصغرى)) (ص: ٢٩٢).
(٣) رواه البخاري (٥٢) ومسلم (١٥٩٩).
(٤) ((الرسالة الوافية)) (ص: ١٤٥، ١٤٦).
(٥) ((الحجة)) (٢/ ٢٦٦).
(٦) انظر: ((المغني)) لابن قدامة (١٢/ ٤٩٥)، و ((مجموع الفتاوى)) (٣٤/ ١٨٦).
(٧) ((نظرية العقد)) لابن تيمية (ص: ٨٤، ٨٥) = بتصرف يسير.
(٨) انظر: ((فتح الباري)) (١٠/ ٣٥).
(٩) ((الرسالة الوافية)) (ص: ١٤٦) والحديث أخرجه أبو داود (٣٦٨٣) والترمذي (١٩٨٥) والنسائي (٥٦٢٥) وابن ماجه (٣٥١٨) سكت عنه أبو داود [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] وقال الترمذي: حسن غريب. وصححه الألباني ((صحيح سنن أبي داود)) (٣٦٨١)
(١٠) ((عقيدة السلف)) (ص: ٢٩٧).
(١١) ((الحجة)) (٢/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>