للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَاجِمِ بَقِيَّة حَرْف الدَّال، بما فَوَّتَ علينا فُرصَةَ مَعْرفَتِه، مع انْعِدَام ذِكْره تَرْجَمَتِه عند غيره. وكذا ضَيَاعُ تَرْجَمَةُ نَصْر بن شَبث العُقَيْليّ، الثَّائِرِ علىِ الدَّوْلَة العبَّاسِيَّة، والَّذي أشْغَلَ الخِلَافَةَ وأَهَمَّها مُدَّةً طَويلةً اسْتْمَرَّتْ ثلاث عَشرة سنة ونصف بالتَّمام (رَجَب سَنَة ١٩٦ هـ حتَّى وَقْت القَبْض عليه في شَهْر ذي القَعْدَة سنة ٢٠٩ هـ)، إلى تَرَاجِمَ آخرين الله أعْلَم بهم وبأهَمِّية ما كَتَبه عنهم.

أخيرًا: فإنَّ بَقاءَ ما نَجَزَ من الكتابِ حَبِيْسًا في يَدِ المُؤلِّفِ أو في خِزَانتِه، وعَدَمَ إطْلَاقِه للانْتِساخَ والتَّداولِ، فَوَّتْ علينا فُرْصَةَ تَوفُّر نُسَخٍ منه، ولا يُمكِنُ اعْتِبارُ كتابِ "زُبْدَة الحَلْب" صُورَة مُصَغَّرة لكتاب البُغْيَة، بالرَّغْم ممَّا قاله المُؤلِّفُ في مُقَدِّمةِ الأخير "أنَّه مُنْتَزعٌ من تاريخيِ الكَبِير للشَّهْباء"، لاخْتِلَافِ مَنْهجِ التَّألِيفِ بين الكتابيَن، أرادَ بكتابِه الزُبْدَة أنْ يَضعَ صُورةً عامَّةً عن أوْضَاعَ حَلَب وتاريخِها السِّياسيّ على مَدَى القُرونِ السَّبْعةِ الَّتي سَبَقته، بينما كانَ عَمَله في البُغْيَة مُنْصَرفًا للتَّعْريفِ بالرِّجال الَّذين اتَّصَلَتْ أيَّامهم وأعْمالُهم بحَلَب، فصَنَعَ تَرَاجِمِ مُرَكَّزة، تحْمِلُ في ثناياها مَعارِفَ وأخْبارًا مُتَنوِّعة، وأشْعارًا وأراجيزَ، ونَقَلَ لنا - من خِلَالِها - بَقايا كُتُبٍ ضَاعَتْ أُصُولُها، فالزُبْدَةُ مَسْحٌ أُفقيٌّ، والبُغْيَة عَوْضٌ وتَركيزٌ عموديُّ.

ذُيُول الكتاب:

نَظَرًا لأهمِّيةِ تاريخ ابن العَدِيْمِ فقد كانَ مَصْدَرًا للأَخْذ والنَّقلِ لدَى الكَثيرِ من المُؤرِّخِين اللَّاحِقين، وقَفَّاهُ بعْضُهم بمُذَيَّلاتٍ عليه، أوَ مُخْتَصَرَاتٍ، فانْتَقَى منه ابنُ حَبيب الحَلَبِيّ (ت ٧٧٩ هـ) كتابًا سمَّاهُ: "حَضْرة النَّدِيم من تاريخ ابن العَدِيْم" (١)، وتقدَّمَتِ الإشارةُ إلى هذا المُخْتَصرَ فيما مرّ.


(١) ابن حبيب: درة الأسلاك، ورقة ١٥ ب، الطباخ: إعلام النبلاء ١: ٣٨، بروكلمان: تاريخ الأدب العربيّ، (القسم الثالث ٥ - ٦) ٤٤٢. وذكر بروكلمان أنه منتزع من زبدة الحلب، وليس كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>